وعليهم ووقع في رواية أبي صالح من الزيادة ويشق على أن يتخلفوا عني (قوله والذي نفسي بيده لوددت) وقع في رواية أبي زرعة المذكورة بلفظ ولوددت اني أقتل بحذف القسم وهو مقدر لما بينته هذه الرواية فظهر أن اللام لام القسم وليست بجواب لولا وفهم بعض الشراح ان قوله لوددت معطوف على قوله ما قعدت فقال يجوز حذف اللام واثباتها من جواب لولا وجعل الودادة ممتنعة خشية وجود المشقة لو وجدت وتقدير الكلام عنده لولا أن أشق على أمتي لوددت اني أقتل في سبيل الله ثم شرع يتكلف استشكال ذلك والجواب عنه وقد بينت رواية الباب انها جملة مستأنفة وان اللام جواب القسم ثم النكتة في ايراد هذه الجملة عقب تلك إرادة تسلية الخارجين في الجهاد عن مرافقته لهم وكانه قال الوجه الذي يسيرون له فيه من الفضل ما أتمنى لأجله اني أقتل مرات فمهما فاتكم من مرافقتي والقعود معي من الفضل يحصل لكم مثله أو فوقه من فضل الجهاد فراعى خواطر الجميع وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المغازي وتخلف عنه المشار إليهم وكان ذلك حيث رجحت مصلحة خروجه على مراعاة حالهم وسيأتي بيان ذلك في باب من حبسه العذر (قوله أقتل في سبيل الله) استشكل بعض الشراح صدور هذا التمني من النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لا يقتل وأجاب ابن التين بان ذلك لعله كان قبل نزول قوله تعالى والله يعصمك من الناس وهو متعقب فان نزولها كان في أوائل ما قدم المدينة وهذا الحديث صرح أبو هريرة بأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وانما قدم أبو هريرة في أوائل سنة سبع من الهجرة والذي يظهر في الجواب أن تمنى الفضل والخير لا يستلزم الوقوع فقد قال صلى الله عليه وسلم وددت لو أن موسى صبر كما سيأتي في مكانه وسيأتي في كتاب التمني نظائر لذلك وكأنه صلى الله عليه وسلم أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المسلمين عليه قال ابن التين وهذا أشبه وحكى شيخنا ابن الملقن أن بعض الناس زعم أن قوله ولوددت مدرج من كلام أبي هريرة قال وهو بعيد قال النووي في هذا الحديث الحض على حسن النية وبيان شدة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم واستحباب طلب القتل في سبيل الله وجواز قول وددت حصول كذا من الخير وان علم أنه لا يحصل وفيه ترك بعض المصالح لمصلحة راجحة أو أرجح أو لدفع مفسدة وفيه جواز تمني ما يمتنع في العادة والسعي في إزالة المكروه عن المسلمين وفيه ان الجهاد على الكفاية إذ لو كان على الأعيان ما تخلف عنه أحد (قلت) وفيه نظر لان الخطاب انما يتوجه للقادر وأما العاجز فمعذور وقد قال سبحانه غير أولي الضرر وأدلة كون الجهاد فرض كفاية تؤخذ من غير هذا وسيأتي البحث في باب وجوب النفير إن شاء الله تعالى (قوله حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار) بالمهملة وتشديد الفاء كوفي ثقة يكنى أبا يعقوب لم يخرج عنه البخاري سوى هذا الحديث ورجال الاسناد من شيخه إسماعيل بن علية فصاعدا بصريون وسيأتي شرح المتن في غزوة مؤتة من كتاب المغازي ووجه دخوله في هذه الترجمة من قوله ما يسرهم انهم عندنا أي لما رأوا من الكرامة بالشهادة فلا يعجبهم ان يعودوا إلى الدنيا كما كانوا من غير أن يستشهدوا مرة أخرى وبهذا التقرير يحصل الجمع بين حديثي الباب ودليل ما ذكرته من الاستثناء ما سيأتي بعد أبواب من حديث أنس أيضا مرفوعا ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا الا الشهيد الحديث (قوله باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم) أي من
(١٣)