مصغر (قوله نصرت بالصبا) بفتح المهملة وتخفيف الموحدة مقصور هي الريح الشرقية والدبور بفتح أوله وتخفيف الموحدة المضمومة مقابلها يشير صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى في قصة الأحزاب فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وروى الشافعي باسناد فيه انقطاع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نصرت بالصبا وكانت عذابا على من كان قبلنا وقيل إن الصبا هي التي حملت ريح قميص يوسف إلى يعقوب قبل أن يصل إليه قال ابن بطال في هذا الحديث تفضيل بعض المخلوقات على بعض وفيه اخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على سبيل التحدث بالنعمة لا على الفخر وفيه الاخبار عن الأمم الماضية واهلاكها * ثانيهما حديث عائشة وقد تقدم شرحه في كتاب الاستسقاء وقوله فيه مخيلة بفتح الميم وكسر المعجمة بعدها تحتانية ساكنة هي السحابة التي يخال فيها المطر (قوله فإذا أمطرت السماء سري عنه) فيه رد على من زعم أنه لا يقال أمطرت الا في العذاب وأما الرحمة فيقال مطرت وقوله سري عنه بضم المهملة وتشديد الراء بلفظ المجهول أي كشف عنه وفي الحديث تذكر ما يذهل المرء عنه مما وقع للأمم الخالية والتحذير من السير في سبيلهم خشية من وقوع مثل ما أصابهم وفيه شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم كما وصفه الله تعالى قال ابن العربي فان قيل كيف يخشى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعذب القوم وهو فيهم مع قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم والجواب ان الآية نزلت بعد هذه القصة ويتعين الحمل على ذلك لان الآية دلت على كرامة له صلى الله عليه وسلم ورفعه فلا يتخيل انحطاط درجته أصلا (قلت) ويعكر عليه ان آية الأنفال كانت في المشركين من أهل بدر وفي حديث عائشة اشعار بأنه كان يواظب على ذلك من صنيعه كان إذا رأى فعل كذا والأولى في الجواب أن يقال إن في آية الأنفال احتمال التخصيص بالمذكورين أو بوقت دون وقت أو مقام الخوف يقتضي غلبة عدم الامن من مكر الله وأولى من الجميع أن يقال خشي على من ليس هو فيهم أن يقع بهم العذاب أما المؤمن فشفقة عليه لايمانه وأما الكافر فلرجاء اسلامه وهو بعث رحمة للعالمين (قوله باب ذكر الملائكة) جمع ملك بفتح اللام فقيل مخف من مالك وقيل مشتق من الألوكة وهي الرسالة وهذا قول سيبويه والجمهور وأصله لاك وقيل أصله الملك بفتح ثم سكون وهو الاخذ بقوة وحينئذ لا مدخل للميم فيه وأصل وزنه مفعل فتركت الهمزة لكثرة الاستعمال وظهرت في الجمع وزيدت الهاء أما للمبالغة وأما لتأنيث الجمع وجمع على القلب والا لقيل مالكة وعن أبي عبيدة الميم في الملك أصلية وزنه فعل كأسد هو من الملك بالفتح وسكون اللام وهو الاخذ بقوة وعلى هذا فوزن ملائكة فعائلة ويؤيده أنهم جوزوا في جمعه أملاك وأفعال لا يكون جمعا لما في أوله ميم زائدة قال جمهور أهل الكلام من المسلمين الملائكة أجسام لطيفة أعطيت قدرة على التشكل باشكال مختلفة ومسكنها السماوات وأبطل من قال إنها الكواكب أو انها الأنفس الخيرة التي فارقت أجسادها وغير ذلك من الأقوال التي لا يوجد في الأدلة السمعية شئ منها وقد جاء في صفة الملائكة وكثرتهم أحاديث منها ما أخرجه مسلم عن عائشة مرفوعا خلقت الملائكة من نور الحديث ومنها ما أخرجه الترمذي وابن ماجة والبزار من حديث أبي ذر مرفوعا أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع الا وعليه ملك ساجد الحديث ومنها ما أخرجه الطبراني من حديث جابر مرفوعا ما في السماوات
(٢١٦)