هكذا فيه بزيادة الواو العاطفة ففسد تأويل الداودي والله المستعان ويحتمل أن يقال إن الغرف المذكورة لهذه الأمة وأما من دونهم فهم الموحدون من غيرهم أو أصحاب الغرف الذين دخلوا الجنة من أول وهلة ومن دونهم من دخل بالشفاعة ويؤيد الذي قبله قوله في صفتهم هم الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين وتصديق جميع المرسلين انما يتحقق لامة محمد صلى الله عليه وسلم بخلاف من قبلهم من الأمم فإنهم وإن كان فيهم من صدق بمن سيجئ من بعده من الرسل فهو بطريق التوقع لا بطريق الواقع والله أعلم (قوله باب صفة أبواب الجنة) هكذا ترجم بالصفة ولعله أراد بالصفة العدد أو التسمية فإنه أورد فيه حديث سهل ابن سعد مرفوعا في الجنة ثمانية أبواب الحديث وقال فيه قال النبي صلى الله عليه وسلم من أنفق زوجين في سبيل الله دعي من باب الجنة وأشار بهذا إلى حديث أسنده في الصيام وفي الجهاد من حديث أبي هريرة وفيه فمن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة الحديث وقد سبق شرح حديث سهل بن سعد في الصيام وحديث أبي هريرة فيه وفي الجهاد ويأتي بقية شرحه في فضل أبي بكر إن شاء الله تعالى (قوله فيه عبادة) كأنه يشير إلى ما وصله هو في ذكر عيسى من أحاديث الأنبياء من طريق جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شهد أن لا إله إلا الله الحديث وفيه أدخله الله من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء وقد وردت هذه العدة لأبواب الجنة في عدة أحاديث منها حديث أبي هريرة المعلق في الباب ومنها حديث عبادة المعلق فيه أيضا وعن عمر عند أحمد وأصحاب السنن وعن عتبة بن عبد عند الترمذي وابن ماجة وورد في صفة أبواب الجنة ان ما بين المصراعين مسيرة أربعين سنة ومن حديث أبي سعيد ومعاوية بن حيدة ولقيط بن عامر وأحاديث الثلاثة عند أحمد وهي مرفوعة ولها شاهد عند مسلم من حديث عتبة بن غزوان لكنه موقوف * (تنبيه) * وقع حديث سهل المسند مقدما على الحديثين المعلقين في رواية أبي ذر ووقع لغيره تأخير المسند عن المعلقين (قوله باب صفة النار وأنها مخلوقة) القول فيه كالقول في باب صفة الجنة سواء (قوله غساقا يقال غسقت عينه ويغسق الجرح) وهذا مأخوذ من كلام أبي عبيدة فإنه قال في قوله تعالى الا حميما وغساقا الحميم الماء الحار والغساق ما همي وسال يقال غسقت من العين ومن الجرح ويقال عينه تغسق أي تسيل والمراد في الآية ما سال من أهل النار من الصديد رواه الطبري من قول قتادة ومن قول إبراهيم وعطية بن سعد وغيرهم وقيل من دموعهم أخرجه أيضا من قول عكرمة وغيره وقيل الغساق البارد الذي يحرق ببرده رواه أيضا من قول ابن عباس ومجاهد وأبي العالية قال أبو عبيد الهروي من قرأه بالتشديد أراد السائل ومن قرأه بالتخفيف أراد البارد وقيل الغساق المنتن رواه الطبري عن عبد الله بن بريدة وقال إنها بالطخارية وله شاهد من حديث أبي سعيد أخرجه الترمذي والحاكم مرفوعا لو أن دلوا من غساق يهراق إلى الدنيا لأنتن أهل الدنيا وأخرج الطبري من حديث عبد الله بن عمر موقوفا الغساق القيح الغليظ لو أن قطرة منه تهراق بالمغرب لأنتن أهل المشرق (قوله وكأن الغساق والغسيق واحد) كذا لأبي ذر والغسيق بوزن فعيل ولغيره والغسق بفتحتين قال الطبري في قوله تعالى ومن شر غاسق إذا وقب الغاسق الليل إذا لبس الأشياء وغطاها وانما أريد بذلك هجومه على الأشياء هجوم السيل وكأن المراد بالآية السائل من الصديد الجامع بين شدة البرد وشدة النتن وبهذا تجتمع
(٢٣٥)