في ركوب النبي صلى الله عليه وسلم فرس أبي طلحة وقد تقدم الكلام عليه في الهبة ومضى مرارا منها في باب الشجاعة في الحرب (قوله باب السرعة والركض في الفزع) ذكر فيه حديث انس المذكور من وجه آخر وقد تقدم ومحمد المذكور في اسناده هو ابن سيرين (قوله باب الخروج في الفزع وحده) كذا ثبتت هذه الترجمة بغير حديث وكأنه أراد أن يكتب فيه حديث أنس المذكور من وجه آخر فاخترم قبل ذلك قال الكرماني ويحتمل أن يكون اكتفى بالإشارة إلى الحديث الذي قبله كذا قال وفيه بعد وقد ضم أبو علي بن شبويه هذه الترجمة إلى التي بعدها فقال باب الخروج في الفزع وحده والجعائل إلى آخره وليس في أحاديث باب الجعائل مناسبة لذلك أيضا الا أنه يمكن حمله على ما قلت أولا قال ابن بطال جملة ما في هذه التراجم ان الامام ينبغي له أن يشح بنفسه لما في ذلك من النظر للمسلمين الا أن يكون من أهل الغناء الشديد والثبات البالغ فيحتمل ان يسوغ له ذلك وكان في النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ما ليس في غيره ولا سيما مع ما علم أن الله يعصمه وينصره (قوله باب الجعائل والحملان في السبيل) الجعائل بالجيم جمع جعيلة وهي ما يجعله القاعد من الأجرة لمن يغزو عنه والحملان بضم المهملة وسكون الميم مصدر كالحمل تقول حمل حملا وحملانا قال ابن بطال ان اخرج الرجل من ماله شيئا فتطوع به أو أعان الغازي على غزوه بفرس ونحوها فلا نزاع فيه وانما اختلفوا فيما إذا أجر نفسه أو فرسه في الغزو فكره ذلك مالك وكره أن يأخذ جعلا على أن يتقدم إلى الحصن وكره أصحاب أبي حنيفة الجعائل الا إن كان بالمسلمين ضعف وليس في بيت المال شئ وقالوا ان أعان بعضهم بعضا جاز لا على وجه البدل وقال الشافعي لا يجوز أن يغزو بجعل يأخذه وانما يجوز من السلطان دون غيره لان الجهاد فرض كفاية فمن فعله وقع عن الفرض ولا يجوز أن يستحق على غيره عوضا انتهى ويؤيده ما رواه عبد الرزاق من طريق ابن سيرين عن ابن عمر قال يمتع القاعد الغازي بما شاء فاما انه يبيع غزوه فلا ومن وجه آخر عن ابن سيرين سئل ابن عمر عن الجعائل فكرهه وقال أرى الغازي يبيع غزوه والجاعل يفر من غزوه والذي يظهر أن البخاري أشار إلى الخلاف فيما يأخذه الغازي هل يستحقه بسبب الغزو فلا يتجاوزه إلى غيره أو يملكه فيتصرف فيه بما شاء كما سيأتي بيان ذلك (قوله وقال مجاهد قلت لابن عمر الغزو) هو بالنصب على الاغراء والتقدير عليك الغزو أو على حذف فعل أي أريد الغزو وفي رواية الكشميهني أتغزو بالاستفهام وهذا الأثر وصله في المغازي في غزوة الفتح بمعناه وسيأتي بيانه هناك ونبه به على مراد ابن عمر بالأثر الذي رواه عنه ابن سيرين وانه لا يكره اعانة الغازي (قوله وقال عمر الخ) وصله ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق سليمان الشيباني عن عمرو بن قرة قال جاءنا كتاب عمر بن الخطاب ان ناسا فذكر مثله قال أبو إسحاق فقمت إلى أسير ابن عمرو فحدثته بما قال فقال صدق جاءنا كتاب عمر بذلك وأخرجه البخاري في تاريخه من هذا الوجه وهو اسناد صحيح (قوله وقال طاوس ومجاهد الخ) وصله ابن أبي شيبة بمعناه
(٨٧)