بيان ماله من الفضل (قوله وقول الله عز وجل ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله إلى قوله إن الله لا يضيع أجر المحسنين) قال ابن بطال مناسبة الآية للترجمة انه سبحانه وتعالى قال في الآية ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار وفي الآية الا كتب لهم به عمل صالح قال ففسر صلى الله عليه وسلم العمل الصالح ان النار لا تمس من عمل بذلك قال والمراد في سبيل الله جميع طاعاته انتهى وهو كما قال الا أن المتبادر عند الاطلاق من لفظ سبيل الله الجهاد وقد أورده المصنف في فضل المشي إلى الجمعة استعمالا للفظ في عمومه ولفظه هناك حرمه الله على النار وقال ابن المنير مطابقة الآية من جهة أن الله أثابهم بخطواتهم وان لم يباشروا قتالا وكذلك دل الحديث على أن من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار سواء باشر قتالا أم لا انتهى ومن تمام المناسبة ان الوطء يتضمن المشي المؤثر لتغيير القدم ولا سيما في ذلك الزمان (قوله حدثنا إسحاق قال أبو علي الجياني نسبه الأصيلي ابن منصور (قلت) وأخرجه الإسماعيلي من طريق إسحاق بن زيد الخطابي نزيل حران عن محمد بن المبارك المذكور لكن زاد في آخر المتن قوله فتمسهما النار أبدا فالظاهر أنه ابن منصور ويؤيده أن أبا نعيم أخرجه من طريق الحسن بن سفيان عن إسحاق بن منصور ويزيد المذكور في الاسناد بالزاي وعباية بفتح المهملة وأبو عبس بسكون الموحدة هو ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة (قوله ما اغبرتا) كذا في رواية المستملي بالتثنية وهو لغة وللباقين ما اغبرت وهو الأفصح زاد أحمد من حديث أبي هريرة ساعة من نهار وقوله فتمسه النار بالنصب والمعنى ان المس ينتفي بوجود الغبار المذكور وفي ذلك إشارة إلى عظيم قدر التصرف في سبيل الله فإذا كان مجرد مس الغبار للقدم يحرم عليها النار فكيف بمن سعى وبذل جهده واستنفذ وسعه وللحديث شواهد منها ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء مرفوعا من اغبرت قدماه في سبيل الله باعد الله منه النار مسيرة ألف عام للراكب المستعجل وأخرج ابن حبان من حديث جابر أنه كان في غزاة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر نحو حديث الباب قال فتواثب الناس عن دوابهم فما رؤى أكثر ماشيا من ذلك اليوم (قوله باب مسح الغبار عن الرأس في سبيل الله) قال ابن المنير ترجم بهذا وبالذي بعده دفعا لتوهم كراهية غسل الغبار ومسحه لكونه من جملة آثار الجهاد كما كره بعض السلف المسح بعد الوضوء (قلت) والفرق بينهما من جهة أن التنظيف مطلوب شرعا والغبار أثر الجهاد وإذا انقضى فلا معنى لبقاء أثره وأما الوضوء فالمقصود به الصلاة فاستحب بقاء أثره حتى يحصل المقصود فافترق المسحان ثم أورد حديث أبي سعيد في قصة عمار في بناء المسجد وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في باب التعاون في بناء المسجد في أوائل الصلاة وفيه ما يتعلق بقوله فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما والمراد منه هنا قوله ومر به النبي صلى الله عليه وسلم فمسح عن رأسه الغبار (قوله باب الغسل بعد الحرب والغبار) تقدم توجيهه في الباب الذي قبله وذكر فيه حديث عائشة في اغتساله صلى الله عليه وسلم لما رجع من الخندق وسيأتي الكلام عليه مستوفى في المغازي وقوله في هذه الرواية ووضع أي السلاح وصرح بذلك في رواية الأصيلي وغيره (قوله حدثنا محمد) كذا للأكثر ونسبه أبو ذر فقال ابن سلام وقوله عصب بفتح المهملتين
(٢٣)