وزاد في رواية منصور والأعمش ويقاتل حمية أي لمن يقاتل لأجله من أهل أو عشيرة أو صاحب وزاد في رواية منصور ويقاتل غضبا أي لأجل حظ نفسه ويحتمل أن يفسر القتال للحمية بدفع المضرة والقتال غضبا بجلب المنفعة فالحاصل من رواياتهم أن القتال يقع بسبب خمسة أشياء طلب المغنم واظهار الشجاعة والرياء والحمية والغضب وكل منها يتناوله المدح والذم فلهذا لم يحصل الجواب بالاثبات ولا بالنفي (قوله من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) المراد بكلمة الله دعوة الله إلى الاسلام ويحتمل أن يكون المراد أنه لا يكون في سبيل الله الا من كان سبب قتاله طلب اعلاء كلمة الله فقط بمعنى أنه لو أضاف إلى ذلك سببا من الأسباب المذكورة أخل بذلك ويحتمل أن لا يخل إذا حصل ضمنا لا أصلا ومقصودا وبذلك صرح الطبري فقال إذا كان أصل الباعث هو الأول لا يضره ما عرض له بعد ذلك وبذلك قال الجمهور لكن روى أبو داود والنسائي من حديث أبي أمامة باسناد جيد قال جاء رجل فقال يا رسول الله أرأيت رجلا غزا يلتمس الاجر والذكر ماله قال لا شئ له فأعادها ثلاثا كل ذلك يقول لا شئ له ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لا يقبل من العمل الا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه ويمكن أن يحمل هذا على من قصد الامرين معا على حد واحد فلا يخالف المرجح أولا فتصير المراتب خمسا أن يقصد الشيئين معا أو يقصد أحدهما صرفا أو يقصد أحدهما ويحصل الآخر ضمنا فالمحذور أن يقصد غير الاعلاء فقد يحصل الاعلاء ضمنا وقد لا يحصل ويدخل تحته مرتبتان وهذا ما دل عليه حديث أبي موسى ودونه أن يقصدهما معا فهو محذور أيضا على ما دل عليه حديث أبي أمامة والمطلوب أن يقصد الاعلاء صرفا وقد يحصل غير الاعلاء وقد لا يحصل ففيه مرتبتان أيضا قال ابن أبي جمرة ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد اعلاء كلمة الله لم يضره ما انضاف إليه انتهى ويدل على أن دخول غير الاعلاء ضمنا لا يقدح في الاعلاء إذا كان الاعلاء هو الباعث الأصلي ما رواه أبو داود باسناد حسن عن عبد الله بن حوالة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقدامنا لنغنم فرجعنا ولم نغنم شيئا فقال اللهم لا تكلهم إلي الحديث وفي إجابة النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكر غاية البلاغة والايجاز وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم لأنه لو أجابه بأن جميع ما ذكره ليس في سبيل الله احتمل أن يكون ما عدا ذلك كله في سبيل الله وليس كذلك فعدل إلى لفظ جامع عدل به عن الجواب عن ماهية القتال إلى حال المقاتل فتضمن الجواب وزيادة ويحتمل أن يكون الضمير في قوله فهو راجعا إلى القتال الذي في ضمن قاتل أي فقتاله قتال في سبيل الله واشتمل طلب اعلاء كلمة الله على طلب رضاه وطلب ثوابه وطلب دحض أعدائه وكلها متلازمة والحاصل مما ذكر أن القتال منشؤه القوة العقلية والقوة الغضبية والقوة الشهوانية ولا يكون في سبيل الله الا الأول وقال ابن بطال انما عدل النبي صلى الله عليه وسلم عن لفظ جواب السائل لان الغضب والحمية قد يكونان لله فعدل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك إلى لفظ جامع فأفاد دفع الالباس وزيادة الافهام وفيه بيان أن الأعمال انما تحتسب بالنية الصالحة وأن الفضل الذي ورد في المجاهد يختص بمن ذكر وقد تقدم بعض مباحثه في أواخر كتاب العلم وفيه جواز السؤال عن العلة وتقدم العلم على العمل وفيه ذم الحرص على الدنيا وعلى القتال لحظ النفس في غير الطاعة (قوله باب من اغبرت قدماه في سبيل الله) أي
(٢٢)