ذكره أو علمه فلا تكون العندية مكانية بل هي إشارة إلى كمال كونه مخفيا عن الخلق مرفوعا عن حيز ادراكهم وحكى الكرماني أن بعضهم زعم أن لفظ فوق زائد كقوله فان كن نساء فوق اثنتين والمراد اثنتان فصاعدا ولم يتعقبه وهو متعقب لان محل دعوى الزيادة ما إذا بقي الكلام مستقيما مع حذفها كما في الآية وأما في الحديث فإنه يبقى مع الحذف فهو عنده العرش وذلك غير مستقيم (قوله إن رحمتي) بفتح ان على انها بدل من كتب وبكسرها على حكاية مضمون الكتاب (قوله غلبت) في رواية شعيب عن أبي الزناد في التوحيد سبقت بدل غلبت والمراد من الغضب لازمه وهو إرادة ايصال العذاب إلى من يقع عليه الغضب لان السبق والغلبة باعتبار التعلق أي تعلق الرحمة غالب سابق على تعليق الغضب لان الرحمة مقتضى ذاته المقدسة وأما الغضب فإنه متوقف على سابقة عمل من العبد الحادث وبهذا التقرير يندفع استشكال من أورد وقوع العذاب قبل الرحمة في بعض المواطن كمن يدخل النار من الموحدين ثم يخرج بالشفاعة وغيرها وقيل معنى الغلبة الكثرة والشمول تقول غلب على فلان الكرم أي أكثر أفعاله وهذا كله بناء على أن الرحمة والغضب من صفات الذات وقال بعض العلماء الرحمة والغضب من صفات الفعل لا من صفات الذات ولا مانع من تقدم بعض الأفعال على بعض فتكون الإشارة بالرحمة إلى اسكان آدم الجنة أول ما خلق مثلا ومقابلها ما وقع من اخراجه منها وعلى ذلك استمرت أحوال الأمم بتقديم الرحمة في خلقهم بالتوسع عليهم من الرزق وغيره ثم يقع بهم العذاب على كفرهم وأما ما أشكل من أمر من يعذب من الموحدين فالرحمة سابقة في حقهم أيضا ولولا وجودها لخلدوا أبدا وقال الطيبي في سبق الرحمة إشارة إلى أن قسط الخلق منها أكثر من قسطهم من الغضب وانها تنالهم من غير استحقاق وان الغضب لا ينالهم الا باستحقاق فالرحمة تشمل الشخص جنينا ورضيعا وفطيما وناشئا قبل أن يصدر منه شئ من الطاعة ولا يلحقه الغضب الا بعد أن يصدر عنه من الذنوب ما يستحق معه ذلك (قوله باب ما جاء في سبع أرضين) اي في بيان وضعها (قوله وقول الله سبحانه وتعالى الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن الآية) قال الداودي فيه دلالة على أن الأرضين بعضها فوق بعض مثل السماوات ونقل عن بعض المتكلمين ان المثلية في العدد خاصة وان السبع متجاورة وحكى ابن التين عن بعضهم ان الأرض واحدة قال وهو مردود بالقرآن والسنة (قلت) لعله القول بالتجاور والا فيصير صريحا في المخالفة ويدل للقول الظاهر ما رواه ابن جرير من طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي الضحى عن ابن عباس في هذه الآية ومن الأرض مثلهن قال في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق هكذا أخرجه مختصرا واسناده صحيح وأخرجه الحاكم والبيهقي من طريق عطاء بن السائب عن أبي الضحى مطولا وأوله اي سبع أرضين في كل ارض آدم كآدمكم ونوح كنوحكم وإبراهيم كإبراهيمكم وعيسى كعيسى ونبي كنبيكم قال البيهقي اسناده صحيح الا انه شاذ بمرة وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس قال لو حدثتكم بتفسير هذه الآية لكفرتم وكفركم تكذيبكم بها ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه وزاد وهن مكتوبات بعضهن على بعض وظاهر قوله تعالى ومن الأرض مثلهن يرد أيضا على أهل الهيئة قولهم إن لا مسافة بين كل ارض وارض وإن كانت فوقها وأن السابعة صماء لا جوف لها وفي وسطها المركز وهي نقطة
(٢٠٩)