الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم لما كف عن بيعته هلا أومأت إلينا بعينك قال ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين لان طريق الجمع بينهما ان المأذون فيه بالخداع والكذب في الحرب حالة الحرب خاصة وأما حال المبايعة فليست بحال حرب كذا قال وفيه نظر لان قصة الحجاج بن علاط أيضا لم تكن في حال حرب والجواب المستقيم أن تقول المنع مطلقا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم فلا يتعاطى شيئا من ذلك وإن كان مباحا لغيره ولا يعارض ذلك ما تقدم من أنه كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها فان المراد انه كان يريد أمرا فلا يظهره كان يريد أن يغزو جهة الشرق فيسأل عن أمر في جهة الغرب ويتجهز للسفر فيظن من يراه ويسمعه أنه يريد جهة الغرب واما ان يصرح بإرادته الغرب وانما مراده الشرق فلا والله أعلم وقال ابن بطال سألت بعض شيوخي عن معنى هذا الحديث فقال الكذب المباح في الحرب ما يكون من المعاريض لا التصريح بالتأمين مثلا قال وقال المهلب موضع الشاهد للترجمة من حديث الباب قول محمد بن مسلمة قد عنانا فإنه سألنا الصدقة لان هذا الكلام يحتمل أن يفهم ان اتباعهم له انما هو للدنيا فيكون كذبا محضا ويحتمل أن يريد انه أتعبنا بما يقع لنا من محاربة العرب فهو من معاريض الكلام وليس فيه شئ من الكذب الحقيقي الذي هو الاخبار عن الشئ بخلاف ما هو عليه ثم قال ولا يجوز الكذب الحقيقي في شئ من الدين أصلا قال ومحال ان يأمر بالكذب من يقول من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار انتهى وقد تقدم جواب ذلك بما يغني عن اعادته (قوله باب الفتك باهل الحرب) أي جواز قتل الحربي سرا وبين هذه الترجمة وبين الترجمة الماضية وهي قتل المشرك النائم عموم وخصوص وجهي وذكر هنا طرفا من حديث جابر في قصة قتل كعب بن الأشرف وقد تقدم التنبيه عليه في الباب الذي قبله وانما فتكوا به لأنه نقض العهد وأعان على حرب النبي صلى الله عليه وسلم وهجاه ولم يقع لاحد ممن توجه إليه تامين له بالتصريح وانما أوهموه ذلك وآنسوه حتى تمكنوا من قتله (قوله باب ما يجوز من الاحتيال والحذر مع من يخشى معرته) بفتح الميم والمهملة وتشديد الراء أي شره وفساده (قوله وقال الليث إلى آخره) وصله الإسماعيلي من طريق يحيى بن بكير وأبي صالح كلاهما عن الليث وقد علق المصنف طرفا منه في أواخر الجنائز كما مضى وسيأتي شرحه قريبا بعد ستة عشر بابا (قوله باب الرجز في الحرب ورفع الصوت في حفر الخندق) الرجز بفتح الراء والجيم والزاي من بحور الشعر على الصحيح وجرت عادة العرب باستعماله في الحرب ليزيد في النشاط ويبعث الهمم وفيه جواز تمثل النبي صلى الله عليه وسلم بشعر غيره وسيأتي بسط ذلك في أوائل المغازي إن شاء الله تعالى وفيه جواز رفع الصوت في عمل الطاعة لينشط نفسه وغيره (قوله فيه سهل وأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه يزيد عن سلمة) أما حديث سهل وهو ابن سعد فوصله في غزوة الخندق وفيه اللهم لا عيش الا عيش الآخرة وسيأتي وأما حديث أنس فقد تقدم موصولا في باب حفر الخندق في أوائل الجهاد وفيه مثل ذلك أيضا بزيادة وأما حديث يزيد وهو ابن أبي عبيد عن سلمة وهو ابن الأكوع فسيأتي في غزوة خيبر وفيه اللهم لولا أنت ما اهتدينا وقصة
(١١٢)