فيستهل صارخا من مس الشيطان) في رواية معمر المذكورة من نخسة الشيطان أي سبب صراخ الصبي أول ما يولد الألم من مس الشيطان إياه والاستهلال الصياح (قوله غير مريم وابنها) تقدم في باب إبليس بذكر عيسى خاصة فيحتمل أن يكون هذا بالنسبة إلى المس وذاك بالنسبة إلى الطعن في الجنب ويحتمل أن يكون ذاك قبل الاعلام بما زاد وفيه بعد لأنه حديث واحد وقد رواه خلاس عن أبي هريرة بلفظ كل بني آدم قد طعن الشيطان فيه حين ولد غير عيسى وأمه جعل الله دون الطعنة حجابا فأصاب الحجاب ولم يصبها والذي يظهر أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر والزيادة من الحافظ مقبولة وأما قول بعضهم يحتمل أن يكون من العطف التفسيري والمقصود الابن كقولك أعجبني زيد وكرمه فهو تعسف شديد (قوله ثم يقول أبو هريرة واني أعيذها بك الخ) فيه بيان لان في رواية أبي صالح عن أبي هريرة ادراجا أن تلاوة الآية موقوفة على أبي هريرة (قوله باب وإذ قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك الآية إلى قوله أيهم يكفل مريم يقال يكفل يضم كفلها ضمها مخففة ليس من كفالة الديون وشبهها) أشار بقوله مخففة إلى قراءة الجمهور وقرأها الكوفيون كفلها بالتشديد اي كفلها الله زكريا وفي قراءتهم زكريا بالقصر الا أن أبا بكر بن عياش قرأه بالمد فاحتاج إلى أن يقرأ زكريا بفتح الهمزة وقال أبو عبيدة في قولة تعالى وكفلها زكريا يقال كفلها بفتح الفاء وكسرها اي ضمها وفي قوله أيهم يكفل مريم أي يضم انتهى وكسر الفاء هو في قراءة بعض التابعين واستدل بقوله تعالى ان الله اصطفاك على انها كانت نبية وليس بصريح في ذلك وأيد بذكرها مع الأنبياء في صورة مريم ولا يمنع وصفها بأنها صديقة فقد وصف يوسف بذلك وقد نقل عن الأشعري ان في النساء عدة نبيات وحصرهن ابن حزم في ست حوا وسارة وهاجر وأم موسى وآسية ومريم وأسقط القرطبي سارة وهاجر ونقله في التمهيد عن أكثر الفقهاء وقال القرطبي الصحيح ان مريم نبيه وقال عياض الجمهور على خلافه ونقل النووي في الاذكار أن الامام نقل الاجماع على أن مريم ليست نبيه وعن الحسن ليس في النساء نبيه ولا في الجن وقال السبكي الكبير لم يصح عندي في هذه المسئلة شئ ونقله السهيلي في آخر الروض عن أكثر الفقهاء (قوله حدثنا النضر) هو ابن شميل وهشام هو ابن عروة بن الزبير وعبد الله بن جعفر أي ابن أبي طالب قال الدارقطني رواه أصحاب هشام بن عروة عنه هكذا وخالفهم ابن جريج وابن اسحق فروياه عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن جعفر زاد في الاسناد عبد الله بن الزبير والصواب اسقاطه والله أعلم (قوله خير نسائها مريم) أي نساء أهل الدنيا في زمانها وليس المراد أن مريم خير نسائها لأنه يصير كقولهم زيد أفضل اخوته وقد صرحوا بمنعه فهو كما لو قيل فلان أفضل الدنيا وقد رواه النسائي من حديث ابن عباس بلفظ أفضل نساء أهل الجنة فعلى هذا فالمعنى خير نساء أهل الجنة مريم وفي رواية خير نساء العالمين وهو كقوله تعالى واصطفاك على نساء العالمين وظاهره ان مريم أفضل من جميع النساء وهذا لا يمتنع عند من يقول إنها نبية وأما من قال ليست بنبية فيحمله على عالمي زمانها وبالأول جزم الزجاج وجماعة واختاره القرطبي ويحتمل أيضا ان يراه نساء بني إسرائيل أو نساء تلك الأمة أو من فيه مضمرة والمعنى انها من جملة النساء الفاضلات ويدفع ذلك حديث أبي موسى المتقدم بصيغة الحصر انه لم يكمل من النساء غيرها وغير آسية (قوله وخير نسائها خديجة) اي نساء هذه الأمة قال
(٣٣٩)