الله علينا في القرآن من ذلك كفاية عن غيره واختلف في اسم القاتل فالمشهور قابيل بوزن المقتول لكن أوله هاء وقيل اسم المقتول قين بلفظ الحداد وقيل قاين بزيادة ألف وذكر السدي في تفسيره عن مشايخه بأسانيده أن سبب قتل قابيل لأخيه هابيل ان آدم كان يزوج ذكر كل بطن من ولده بأنثى الآخر وان أخت قابيل كانت أحسن من أخت هابيل فأراد قابيل أن يستأثر بأخته فمنعه آدم فلما ألح عليه أمرهما أن يقربا قربانا فقرب قابيل حزمة من زرع وكان صاحب زرع وقرب هابيل جذعة سمينة وكان صاحب مواش فنزلت نار فأكلت قربان هابيل دون قابيل وكان ذلك سبب الشر بينهما وهذا هو المشهور ونقل الثعلبي بسند واه عن جعفر الصادق انه أنكر أن يكون آدم زوج ابنا له بابنة له وانما زوج قابيل جنية وزوج هابيل حورية فغضب قابيل فقال يا بني ما فعلته الا بأمر الله فقربا قربانا وهذا لا يثبت عن جابر ولا عن غيره ويلزم منه أن بني آدم من ذرية إبليس لأنه أبو الجن كلهم أو من ذرية الحور العين وليس لذلك أصل ولا شاهد (قوله باب الأرواح جنود مجندة) كذا ثبتت هذه الترجمة في معظم الروايات وهي متعلقة بترجمة خلق آدم وذريته للإشارة إلى أنهم ركبوا من الأجسام والأرواح (قوله وقال الليث) وصله المصنف في الأدب المفرد عن عبد الله بن صالح عنه (قوله الأرواح جنود مجندة الخ) قال الخطابي يحتمل أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد وان الخير من الناس يحن إلى شكله والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر فإذا اتفقت تعارفت وإذا اختلفت تناكرت ويحتمل أن يراد الاخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام وكانت تلتقي فتتشاءم فلما حلت بالاجسام تعارفت بالامر الأول فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم وقال غيره المراد ان الأرواح أول ما خلقت خلقت على قسمين ومعنى تقابلها ان الأجساد التي فيها الأرواح إذا التقت في الدنيا ائتلفت أو اختلفت على حسب ما خلقت عليه الأرواح في الدنيا إلى غير ذلك بالتعارف (قلت) ولا يعكر عليه أن بعض المتنافرين ربما ائتلفا لأنه محمول على مبدأ التلاقي فإنه يتعلق بأصل الخلقة بغير سبب وأما في ثاني الحال فيكون مكتسبا لتجدد وصف يقتضي الألفة بعد النفرة كايمان الكافر واحسان المسئ وقوله جنود مجندة أي أجناس مجنسة أو جموع مجمعة قال ابن الجوزي ويستفاد من هذا الحديث ان الانسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضى لذلك ليسعى في ازالته حتى يتلخص من الوصف المذموم وكذلك القول في عكسه وقال القرطبي الأرواح وان اتفقت في كونها أرواحا لكنها تتمايز بأمور مختلفة تتنوع بها فتتشاكل أشخاص النوع الواحد وتتناسب بسبب ما اجتمعت فيه من المعنى الخاص لذلك النوع للمناسبة ولذلك تشاهد أشخاص كل نوع تالف نوعها وتنفر من مخالفها ثم انا نجد بعض أشخاص النوع الواحد يتألف وبعضها يتنافر وذلك بحسب الأمور التي يحصل الاتفاق والانفراد بسببها (قوله وقال يحيى بن أيوب) هو المصري (حدثني يحيى بن سعيد بهذا) يعني مثل الذي قبله وقد وصله الإسماعيلي من طريق سعيد بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب به ورويناه موصولا في مسند أبي يعلى وفيه قصة في أوله عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت كانت امرأة بمكة مزاحة فنزلت على امرأة مثلها في المدينة فبلغ ذلك
(٢٦٣)