الوفاء بالعهد ولو شق على النفس حتى يصل إلى اهلاكها وأن طلب الشهادة في الجهاد لا يتناوله النهي عن الالقاء إلى التهلكة وفيه فضيلة ظاهرة لأنس بن النضر وما كان عليه من صحة الايمان وكثرة التوقي والتورع وقوة اليقين قال الزين بن المنير من أبلغ الكلام وأفصحه قول أنس بن النضر في حق المسلمين أعتذر إليك وفي حق المشركين أبرأ إليك فأشار إلى أنه لم يرض الامرين جميعا مع تغايرهما في المعنى وسيأتي في غزوة أحد من المغازي بيان ما وقعت الإشارة إليه هنا من انهزام بعض المسلمين ورجوعهم وعفو الله عنهم رضي الله عنهم أجمعين (قوله وحدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس وأخوه هو أبو بكر عبد الحميد وسليمان هو ابن بلال وقوله أراه عن محمد بن أبي عتيق هو بضم الهمزة أي أظنه وهو قول إسماعيل المذكور (قوله عن خارجة بن زيد) أي ابن ثابت وللزهري في هذا الحديث شيخ آخر وهو عبيد بن السباق لكن اختلف خارجة وعبيد في تعيين الآية التي ذكر زيد أنه وجدها مع خزيمة فقال خارجة انها قوله تعالى من المؤمنين رجال صدقوا وقال عبيد انها قوله تعالى لقد جاءكم رسول من أنفسكم وقد أخرج البخاري الحديثين جميعا بالاسنادين المذكورين فكأنهما جميعا صحا عنده ويؤيد ذلك أن شعيبا حدث عن الزهري بالحديثين جميعا وكذلك رواهما عن الزهري جميعا إبراهيم بن سعد كما سيأتي في فضائل القرآن وفي رواية عبيد بن السباق زيادات ليست في رواية خارجة وانفرد خارجة بوصف خزيمة بأنه الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين وسأذكر ما في هذه الزيادة من بحث في تفسير سورة الأحزاب إن شاء الله تعالى والسياق الذي ساقه هنا لابن أبي عتيق وأما سياق شعيب فسيأتي بيانه في تفسير الأحزاب وقال فيه عن الزهري أخبرني خارجة وتأتي بقية مباحثه في فضائل القرآن إن شاء الله تعالى (قوله باب عمل صالح قبل القتال) وقال أبو الدرداء انما تقاتلون بأعمالكم) هكذا وقع عند الجميع ولعله كان قاله أبو الدرداء وقال إنما تقاتلون بأعمالكم وإنما قلت ذلك لأنني وجدت ذلك في المجالسة للدينوري من طريق أبي إسحاق الفزاري عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد أن أبا الدرداء قال أيها الناس عمل صالح قبل الغزو فإنما تقاتلون بأعمالكم ثم ظهر لي سبب تفصيل البخاري وذلك أن هذه الطريق منقطعة بين ربيعة وأبي الدرداء وقد روى ابن المبارك في كتاب الجهاد عن سعيد ابن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن ابن حلبس بفتح المهملة والموحدة بينهما لام ساكنة وآخره سين مهملة عن أبي الدرداء قال انما تقاتلون بأعمالكم ولم يذكر ما قبله فاقتصر البخاري على ما ورد بالاسناد المتصل فعزاه إلى أبي الدرداء ولذلك جزم به عنه واستعمل بقية ما ورد عنه بالاسناد المنقطع في الترجمة إشارة إلى أنه لم يغفله (قوله وقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون إلى قوله بنيان مرصوص) ذكر فيه حديث البراء في قصة الذي قتل حين أسلم قال ابن المنير مناسبة الترجمة والآية للحديث ظاهرة وفي مناسبة الترجمة للآية خفاء وكأنه من جهة أن الله عاتب من قال إنه يفعل الخير ولم يفعله وأثنى على من وفي وثبت عند القتال أو من جهة أنه أنكر على من قدم على القتال قولا غير مرضى فكشف الغيب أنه أخلف فمفهومه ثبوت الفضل في تقديم الصدق والعزم الصحيح على الوفاء وذلك من أصلح الأعمال انتهى وهذا الثاني أظهر فيما أرى والله أعلم وقال الكرماني المقصود من الآية في هذه الترجمة قوله في آخرها صفا كأنهم بنيان مرصوص لان
(١٨)