بان المغايرة في أنواع العذاب إن كانت تقتضي المغايرة في المعذبين فليكن الذين عذبوا بالرجفة غير الذين عذبوا بالصيحة والحق انهم أصابهم جميع ذلك فإنهم أصابهم حر شديد فخرجوا من البيوت فأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فرجفت بهم الأرض من تحتهم وأخذتهم الصيحة من فوقهم وسيأتي الكلام على الأيكة في التفسير إن شاء الله تعالى (قوله باب قول الله تعالى وان يونس لمن المرسلين إلى قوله وهو مليم) هو يونس بن متى بفتح الميم وتشديد المثناة مقصور ووقع في تفسير عبد الرزاق انه اسم أمه وهو مردود بما في حديث ابن عباس في هذا الباب ونسبه إلى أبيه فهذا أصح ولم أقف في شئ من الاخبار على اتصال نسبه وقد قيل إنه كان في زمن ملوك الطوائف من الفرس (قوله قال مجاهد مذنب) يعني تفسير قوله وهو مليم وقد أخرجه ابن جرير من طريق مجاهد قال فالتقمه الحوت وهو مليم من ألام الرجل إذا أتى بما يلام عليه ثم قال الطبري المليم هو المكتسب اللوم (قوله والمشحون الموقر) وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال المشحون المملوء ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس المشحون الموقر (قوله فلولا انه كان من المسبحين الآية فنبذناه بالعراء بوجه الأرض) قال أبو عبيدة في قوله فنبذناه بالعراء اي بوجه الأرض * والعرب تقول نبذته بالعراء أي بالأرض الفضاء قال الشاعر * ونبذت بالبلد العراء ثيابي * والعراء الذي لا شئ فيه يواري من شجر ولا غيره وقال الفراء العراء المكان الخالي (قوله من يقطين من غير ذات أصل الدباء ونحوه) وصله عبد بن حميد من طريق مجاهد وزاد ليس لها ساق وكذا قال أبو عبيدة كل شجرة لا تقوم على ساق فهي يقطين نحو الدباء والحنظل والبطيخ والمشهور أنه القرع وقيل التين وقيل الموز وجاء في حديث مرفوع في القرع هي شجرة أخي يونس (قوله ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم كظيم مغموم) كذا فيه والذي قاله أبو عبيدة في قوله تعالى إذ نادى وهو مكظوم أي من الغم مثل كظيم وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله وهو مكظوم يقول مغموم ثم ذكر حديث ابن مسعود لا يقولن أحدكم اني خير من يونس بن متى وحديث ابن عباس لا ينبغي لعبد أن يقول اني خير من يونس بن متى ونسبه إلى أبيه وحديث أبي هريرة في قصة المسلم الذي لطم اليهودي وقد تقدم شرحها في أواخر قصة موسى وقال في آخره في هذه الرواية ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى وحديثه من وجه آخر مختصرا مقتصرا على مثل لفظ حديث ابن عباس وقد وقع في حديث عبد الله بن جعفر عند الطبراني بلفظ لا ينبغي لنبي أن يقول الخ وهذا يؤيد ان قوله في الطريق الأولى أن المراد بها النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية للطبراني في حديث ابن عباس ما ينبغي لاحد أن يقول أنا عند الله خير من يونس وفي رواية للطحاوي انه سبح الله في الظلمات فأشار إلى جهة الخيرية المذكورة وأما قوله في الرواية الأولى ونسبه إلى أبيه ففيه إشارة إلى الرد على من زعم أن متى اسم أمه وهو محكى عن وهب بن منبه في المبتدا وذكره الطبري وتبعه ابن الأثير في الكامل والذي في الصحيح أصح وقيل سبب قوله ونسبه إلى أبيه أنه كان في الأصل يونس بن فلان فنسي الراوي اسم الأب وكنى عنه بفلان وقيل إن ذلك هو السبب في نسبته إلى أمه فقال الذي نسي اسم أبيه يونس بن متى وهو أمه ثم اعتذر فقال ونسبه أي شيخه إلى أبيه أي سماه فنسبه ولا يخفي بعد هذا التأويل وتكلفه قال العلماء انما قال صلى الله عليه وسلم
(٣٢٤)