على ما يفضي إلى الاثم أمكن ذلك بان يخيره بين أن يفتح عليه من كنوز الأرض ما يخشى من الاشتغال به أن لا يتفرغ للعبادة مثلا وبين أن لا يؤتيه من الدنيا الا الكفاف فيختار الكفاف وإن كانت السعة أسهل منه والاثم على هذا أمر نسبي لا يراد منه معنى الخطيئة لثبوت العصمة له (قوله وما انتقم لنفسه) أي خاصة فلا يرد أمره بقتل عقبة بن أبي معيط وعبد الله بن خطل وغيرهما ممن كان يؤذيه لانهم كانوا مع ذلك ينتهكون حرمات الله وقيل أرادت أنه لا ينتقم إذا أوذي في غير السبب الذي يخرج إلى الكفر كما عفا عن الأعرابي الذي جفا في رفع صوته عليه وعن الآخر الذي جبذ بردائه حتى أثر في كتفه وحمل الداودي عدم الانتقام على ما يختص بالمال قال وأما العرض فقد اقتص ممن نال منه قال واقتص ممن لده في مرضه بعد نهيه عن ذلك بان أمر بلدهم مع أنهم كانوا في ذلك تأولوا أنه انما نهاهم عن عادة البشرية من كراهة النفس للدواء كذا قال وقد أخرج الحاكم هذا الحديث من طريق معمر عن الزهري بهذا الاسناد مطولا وأوله ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما بذكر أي بصريح اسمه ولا ضرب بيده شيئا قط الا أن يضرب بها في سبيل الله ولا سئل في شئ قط فمنعه الا أن يسئل مأثما ولا انتقم لنفسه من شئ الا أن تنتهك حرمات الله فيكون لله ينتقم الحديث وهذا السياق سوى صدر الحديث عند مسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه به وأخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس وفيه وما انتقم لنفسه الا أن تنتهك حرمة الله فان انتهكت حرمة الله كان أشد الناس غضبا لله وفي الحديث الحث على ترك الاخذ بالشئ لعسر والاقتناع باليسر وترك الالحاح فيما لا يضطر إليه ويؤخذ من ذلك الندب إلى الاخذ بالرخص ما لم يظهر الخطأ والحث على العفو الا في حقوق الله تعالى والندب إلى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحل ذلك ما لم يفض إلى ما هو أشد منه وفيه ترك الحكم للنفس وإن كان الحاكم متمكنا من ذلك بحيث يؤمن منه الحيف على المحكوم عليه لكن لحسم المادة والله أعلم * الحديث الثامن عشر حديث أنس أخرجه من طريق حماد بن زيد وأخرجه مسلم بمعناه من رواية سليمان بن المغيرة عن ثابت عنه (قوله ما مسست) بمهملتين الأولى مكسورة ويجوز فتحها والثانية ساكنة وكذا القول في ميم شممت (قوله ولا ديباجا) هو من عطف الخاص على العام لان الديباج نوع من الحرير وهو بكسر المهملة وحكى فتحها وقال أبو عبيدة الفتح مولد أي ليس بعربي) قوله ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم) قيل هذا يخالف ما وقع في حديث أنس الآتي في كتاب اللباس أنه كان ضخم اليدين وفي رواية له والقدمين وفي رواية له شثن القدمين والكفين وفي حديث هند بن أبي هالة الذي أخرجه الترمذي في صفة النبي صلى الله عليه وسلم فان فيه انه كان شثن الكفين والقدمين اي غليظهما في خشونة وهكذا وصفه على من عدة طرق عنه عند الترمذي والحاكم وابن أبي خيثمة وغيرهم وكذا في صفة عائشة له عند ابن أبي خيثمة والجمع بينهما أن المراد اللين في الجلد والغلظ في العظام فيجتمع له نعومة البدن وقوته أو حيث وصف باللين واللطافة حيث لا يعمل بهما شيئا كان بالنسبة إلى أصل الخلقة وحيث وصف بالغلط والخشونة فهو بالنسبة إلى امتهانهما بالعمل فإنه يتعاطى كثيرا من أموره بنفسه صلى الله عليه وسلم وسيأتي مزيد لهذا في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى وفي حديث معاذ عند الطبراني والبزار أردفني النبي صلى الله عليه وسلم خلفه
(٤٢٠)