دعيت فأجب تنصر لان الداعي باغ وقد تقدم قول على في ذلك (قوله ثم قال اللهم منزل الكتاب إلى آخره) أشار بهذا الدعاء إلى وجوه النصر عليهم فبالكتاب إلى قوله تعالى قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم وبمجرى السحاب إلى القدرة الظاهرة في تسخير السحاب حيث يحرك الريح بمشيئة الله تعالى وحيث يستمر في مكانه مع هبوب الريح وحيث تمطر تارة وأخرى لا تمطر فأشار بحركته إلى اعانة المجاهدين في حركتهم في القتال وبوقوفه إلى امساك أيدي الكفار عنهم وبانزال المطر إلى غنيمة ما معهم حيث يتفق قتلهم وبعدمه إلى هزيمتهم حيث لا يحصل الظفر بشئ منهم وكلها أحوال صالحة للمسلمين وأشار بهازم الأحزاب إلى التوسل بالنعمة السابقة والى تجريد التوكل واعتقاد ان الله هو المنفرد بالفعل وفيه التنبيه على عظم هذه النعم الثلاث فان بانزال الكتاب حصلت النعمة الأخروية وهي الاسلام وباجراء السحاب حصلت النعمة الدنيوية وهي الرزق وبهزيمة الأحزاب حصل حفظ النعمتين وكانه قال اللهم كما أنعمت بعظيم النعمتين الأخروية والدنيوية وحفظتهما فابقهما وروى الإسماعيلي في هذا الحديث من وجه آخر انه صلى الله عليه وسلم دعا أيضا فقال اللهم أنت ربنا وربهم ونحن عبيدك وهم عبيدك نواصينا ونواصيهم بيدك فاهزمهم وانصرنا عليهم ولسعيد بن منصور من طريق أبي عبد الرحمن 2 الحبلي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا نحوه لكن بصيغة الامر عطفا على قوله وسلوا الله العافية فان بليتم بهم فقولوا اللهم فذكره وزاد وغضوا أبصاركم واحملوا عليهم على بركة الله (قوله وقال موسى بن عقبة الخ) هو معطوف على الاسناد الماضي وكأنه يشير إلى أنه عنده بالاسناد الواحد على وجهين مطولا ومختصرا وهذا ما في رواية أبي ذر واقتصر غيره لهذا المتن المختصر على الاسناد المذكور ولم يسوقوه مطولا والله أعلم (قوله وقال أبو عامر) هو العقدي وقال الكرماني لعله عبد الله بن براد الأشعري كذا قال ولم يصب فإنه ما لا بن براد رواية عن المغيرة وقد وصله مسلم والنسائي والإسماعيلي وغيرهم من طرق عن أبي عامر العقدي عن مغيرة به وفي الحديث استحباب الدعاء عند اللقاء والاستنصار ووصية المقاتلين بما فيه صلاح أمرهم وتعليمهم بما يحتاجون إليه وسؤال الله تعالى بصفاته الحسنى وبنعمه السالفة ومراعاة نشاط النفوس لفعل الطاعة والحث على سلوك الأدب وغير ذلك (قوله باب الحرب خدعة) أورده من طريق همام بن منبه عن أبي هريرة مطولا ومختصرا ومن حديث جابر مختصرا وفي أول المطول ذكر كسرى وقيصر وسيأتي الكلام على هذا في علامات النبوة وقوله خدعة بفتح المعجمة وبضمها مع سكون المهملة فيهما وبضم أوله وفتح ثانيه قال النووي اتفقوا على أن الأولى الأفصح حتى قال ثعلب بلغنا انها لغة النبي صلى الله عليه وسلم وبذلك جزم أبو ذر الهروي والقزاز والثانية ضبطت كذلك في رواية الأصيلي قال أبو بكر بن طلحة أراد ثعلب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعمل هذه البنية كثيرا لوجازة لفظها ولكونها تعطي معنى البنيتين الأخيرتين قال ويعطى معناها أيضا الامر باستعمال الحيلة مهما أمكن ولو مرة والا فقاتل قال فكانت مع اختصارها كثيرة المعنى ومعنى خدعة بالاسكان انها تخدع أهلها من وصف الفاعل باسم المصدر أو أنها وصف المفعول كما يقال هذا الدرهم ضرب الأمير أي مضروبه وقال الخطابي معناه انها مرة واحدة أي إذا خدع مرة واحدة لم تقل عثرته وقيل الحكمة في الاتيان بالتاء للدلالة على الوحدة فان الخداع
(١١٠)