(قوله باب ركوب البحر) كذا أطلق الترجمة وخصوص ايراده في أبواب الجهاد يشير إلى تخصيصه بالغزو وقد اختلف السلف في جواز ركوبه وتقدم في أوائل البيوع قول مطر الوراق ما ذكره الله الا بحق واحتج بقوله تعالى هو الذي يسيركم في البر والبحر وفي حديث زهير بن عبد الله يرفعه من ركب البحر إذا ارتج فقد برئت منه الذمة وفي رواية فلا يلومن الا نفسه أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث وزهير مختلف في صحبته وقد أخرج البخاري حديثه في تاريخه فقال في روايته عن زهير عن رجل من الصحابة واسناده حسن وفيه تقييد المنع بالارتجاج ومفهومه الجواز عند عدمه وهو المشهور من أقوال العلماء فإذا غلبت السلامة فالبر والبحر سواء ومنهم من فرق بين الرجل والمرأة وهو عن مالك فمنعه للمرأة مطلقا وهذا الحديث حجة للجمهور وقد تقدم قريبا ان أول من ركبه للغزو معاوية بن أبي سفيان في خلافة عثمان وذكر مالك ان عمر كان يمنع الناس من ركوب البحر حتى كان عثمان فما زال معاوية يستأذنه حتى أذن له (قوله عن يحيى) هو ابن سعيد الأنصاري وقد سبق الحديث قريبا وان شرحه سيأتي في كتاب الاستئذان (قوله باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب) أي ببركتهم ودعائهم (قوله وقال ابن عباس أخبرني أبو سفيان) أي ابن حرب فذكر طرفا من الحديث الطويل وقد تقدم موصولا في بدء الوحي والغرض منه قوله في الضعفاء وهم اتباع الرسل وطريق الاحتجاج به حكاية ابن عباس ذلك وتقريره له ثم ذكر في الباب حديثين * الأول قوله حدثنا محمد بن طلحة أي أبو مصرف وقوله عن طلحة أي ابن مصرف وهو والد محمد بن طلحة الراوي عنه ومصعب ابن سعد أي ابن أبي وقاص وقوله رأى سعد أي ابن أبي وقاص وهو والد مصعب الراوي عنه ثم إن صورة هذا السياق مرسل لان مصعبا لم يدرك زمان هذا القول لكن هو محمول على أنه سمع ذلك من أبيه وقد وقع التصريح عن مصعب بالرواية له عن أبيه عند الإسماعيلي فأخرجه من طريق معاذ بن هانئ حدثنا محمد بن طلحة فقال فيه عن مصعب بن سعد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر المرفوع دون ما في أوله وكذا أخرجه هو والنسائي من طريق مسعر عن طلحة بن مصرف عن مصعب عن أبيه ولفظه انه ظن أن له فضلا على من دونه الحديث ورواه عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن أبيه مرفوعا أيضا لكنه اختصره ولفظه ينصر المسلمون بدعاء المستضعفين أخرجه أبو نعيم في ترجمته في الحلية من رواية عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن عمرو بن مرة وقال غريب من حديث عمرو تفرد به عبد السلام (قوله رأى) أي ظن وهي رواية النسائي (قوله على من دونه) زاد النسائي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بسبب شجاعته ونحو ذلك (قوله هل تنصرون وترزقون الا بضعفائكم) في رواية النسائي انما نصر الله هذه الأمة بضعفتهم بدعواتهم وصلاتهم واخلاصهم وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند أحمد والنسائي بلفظ انما تنصرون وترزقون بضعفائكم قال ابن بطال تأويل الحديث ان الضعفاء أشد اخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا وقال المهلب أراد صلى الله عليه وسلم بذلك حض سعد على التواضع ونفي الزهو على غيره وترك احتقار المسلم في كل حالة وقد روى عبد الرزاق من طريق مكحول في قصة سعد هذه زيادة مع ارسالها فقال قال سعد يا رسول الله أرأيت رجلا يكون حامية القوم ويدفع عن أصحابه أيكون
(٦٥)