القاضي أبو بكر بن العربي خديجة أفضل نساء الأمة مطلقا لهذا الحديث وقد تقدم في آخر قصة موسى حديث أبي موسى في ذكر مريم وآسية وهو يقتضي فضلهما على غيرهما من النساء ودل هذا الحديث على أن مريم أفضل من آسية وان خديجة أفضل نساء هذه الأمة وكأنه لم يتعرض في الحديث الأول لنساء هذه الأمة حيث قال ولم يكمل من النساء أي من نساء الأمم الماضية الا ان حملنا الكمال على النبوة فيكون على اطلاقه وعند النسائي باسناد صحيح عن ابن عباس أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية وعند الترمذي باسناد صحيح عن أنس حسبك من نساء العالمين فذكرهن وللحاكم من حديث حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ملك فبشره ان فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وسيأتي مزيد لذلك في ترجمة خديجة من مناقب الصحابة (قوله باب قول الله تعالى إذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم) وقع في رواية أبي ذر بزيادة واو في أول هذه الآية وهو غلط وانما وقعت الواو في أول الآية التي قبلها وأما هذه فبغير واو (قوله يبشرك ويبشرك واحد) يعني بفتح أوله وسكون الموحدة وضم المعجمة وبضم أوله وفتح الموحدة وتشديد المعجمة والأولى وهي بالتخفيف قراءة يحيى بن وثاب وحمزة والكسائي والبشير هو الذي يخبر المرء بما يسره من خير وقد يطلق في الشر مجازا (قوله وجيها) أي (شريفا) قال أبو عبيدة الوجيه الذي يشرف وتوجهه الملوك أي تشرفه وانتصب قوله وجيها على الحال (قوله وقال إبراهيم المسيح الصديق) وصله سفيان الثوري في تفسيره رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عنه عن منصور عن إبراهيم هو النخعي قال المسيح الصديق قال الطبري مراد إبراهيم بذلك ان الله مسحه فطهره من الذنوب فهو فعيل بمعنى مفعول (قلت) وهذا بخلاف تسمية الدجال المسيح فإنه فعيل بمعنى فاعل يقال إنه سمي بذلك لكونه يمسح الأرض وقيل سمي بذلك لأنه ممسوح العين فهو بمعنى مفعول قيل في المسيح عيسى أيضا انه مشتق من مسح الأرض لأنه لم يكن يستقر في مكان ويقال سمي بذلك لأنه كان لا يمسح ذا عاهة الا برئ وقيل لأنه مسح بدهن البركة مسحه زكريا وقيل يحيى وقيل لأنه كان ممسوح الأخمصين وقيل لأنه كان جميلا يقال مسحه الله اي خلقه خلقا حسنا ومنه قولهم به مسحة من جمال وأغرب الداودي فقال لأنه كان يلبس المسوح (قوله وقال مجاهد الكهل الحليم) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وكهلا ومن الصالحين قال الكهل الحليم انتهى وقد قال أبو جعفر النحاس ان هذا لا يعرف في اللغة وانما الكهل عندهم من ناهز الأربعين أو قاربها وقيل من جاوز الثلاثين وقيل ابن ثلاث وثلاثين انتهى والذي يظهر أن مجاهدا فسره بلازمه الغالب لان الكهل غالبا يكون فيه وقار وسكينة وقد اختلف أهل العربية في قوله وكهلا هل هو معطوف على قوله وجيها أو هو حال من الضمير في يكلم اي يكلمهم صغيرا وكهلا وعلى الأول يتجه تفسير مجاهد (قوله الأكمه من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل وقال غيره من يولد أعمى) اما قول مجاهد فوصله الفريابي أيضا وهو قول شاذ تفرد به مجاهد والمعروف ان ذلك هو الأعشى واما قول غيره قول الجمهور وبه جزم أبو عبيدة وأخرجه الطبري عن ابن عباس وروى عبد ابن حميد من طريق سعيد عن قتادة كنا نتحدث ان الأكمه الذي يولد وهو مضموم العين ومن طريق عكرمة الأكمه الأعمى وكذا رواه الطبري عن السدي وعن ابن عباس أيضا وعن الحسن
(٣٤٠)