وبهذا يجاب عن الباقي ويزاد بان تجويزه حذف أول حرف من الكلمة لا يعرف وتشبيهه بقوله كفى بالسيف شالا يتجه لان حذف الأخير معهود في الترخيم والله أعلم (قوله باب الغلول) بضم المعجمة واللام أي الخيانة في المغنم قال ابن قتيبة سمي بذلك لان آخذه يغله في متاعه أي يخفيه فيه ونقل النووي الاجماع على أنه من الكبائر (قوله وقول الله عز وجل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) أورد فيه حديث أبي هريرة قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول فعظمه الحديث ويحيى هو القطان وأبو حيان هو يحيى بن سعيد التيمي (قوله لا ألفين) بضم أوله وبالفاء اي لا أجد هكذا الرواية للأكثر بلفظ النفي المؤكد والمراد به النهي وبالفاء وكذا عند الحموي والمستملي لكن روى بفتح الهمزة وبالقاف من اللقاء وكذا لبعض رواة مسلم والمعنى قريب ومنهم من حذف الألف على أن اللام للقسم وفي توجيهه تكلف والمعروف انه بلفظ النفي المراد به النهي وهو وإن كان من نهى المرء نفسه فليس المراد ظاهره وانما المراد نهي من يخاطبه عن ذلك وهو أبلغ (قوله أحدكم يوم القيامة على رقبته) في رواية مسلم يجئ يوم القيامة وعلى رقبته وهو حال من الضمير في يجئ وشاة فاعل الظرف لاعتماده أي هي حالة شنيعة ولا ينبغي لكم ان أراكم عليها يوم القيامة وفي حديث عبادة بن الصامت في السنن إياكم والغلول فإنه عار على أهله يوم القيامة (قوله على رقبته شاة لها ثغاء) بضم المثلثة وتخفيف المعجمة وبالمد صوت الشاة يقال ثغت تثغو وقوله فرس له حمحمة يأتي في آخر الحديث (قوله لا أملك لك شيئا) أي من المغفرة لان الشفاعة أمرها إلى الله وقوله قد بلغتك أي فليس لك عذر بعد الابلاغ وكأنه صلى الله عليه وسلم أبرز هذا الوعيد في مقام الزجر والتغليظ والا فهو في القيامة صاحب الشفاعة في مذنبي الأمة (قوله بعير له رغاء) بضم الراء وتخفيف المعجمة وبالمد صوت البعير (قوله صامت) أي الذهب والفضة وقيل ما لا روح فيه من أصناف المال وقوله رقاع تخفق أي تتقعقع وتضطرب إذا حركتها الرياح وقيل معناه تلمع والمراد بها الثياب قاله ابن الجوزي وقال الحميدي المراد بها ما عليه من الحقوق المكتوبة في الرقاع واستبعده ابن الجوزي لان الحديث سيق لذكر الغلول الحسي فحمله على الثياب أنسب وزاد في رواية مسلم نفس لها صياح وكأنه أراد بالنفس ما يغله من الرقيق من امرأة أو صبي قال المهلب هذا الحديث وعيد لمن أنفذه الله عليه من أهل العاصي ويحتمل أن يكون الحمل المذكور لا بد منه عقوبة له بذلك ليفتضح على رؤس الاشهاد وأما بعد ذلك فإلى الله الامر في تعذيبه أو العفو عنه وقال غيره هذا الحديث يفسر قوله عز وجل يأت بما غل يوم القيامة أي يأت به حاملا له على رقبته ولا يقال إن بعض ما يسرق من النقد أخف من البعير مثلا والبعير أرخص ثمنا فكيف يعاقب الأخف جناية بالأثقل وعكسه لان الجواب ان المراد بالعقوبة بذلك فضيحة الحامل على رؤس الاشهاد في ذلك الموقف العظيم لا بالثقل والخفة قال ابن المنير أظن الامراء فهموا تجريس السارق ونحوه من هذا الحديث وقد تقدم شرح بعض هذا الحديث في أوائل الزكاة * (تكميل) * قال ابن المنذر أجمعوا على أن على الغال أن يعيد ما غل قبل القسمة وأما بعدها فقال الثوري والأوزاعي والليث ومالك يدفع إلى الامام خمسة ويتصدق بالباقي وكان الشافعي لا يرى بذلك ويقول إن كان ملكه فليس عليه ان يتصدق به وإن كان لم يملكه فليس له الصدقة بمال غيره قال والواجب أن يدفعه إلى الامام كالأموال الضائعة
(١٢٩)