الرواة بالصاد المهملة من البصيص وهو اللمعان ومعناه مستبعد هنا فان في نفس الحديث تكاد تبض من الملء بكسر الميم وسكون اللام بعدها همزة فكونها تكاد تسيل من الملء ظاهر وأما كونها تلمع من الملء فبعيد وقال ابن التين معنى قوله تبض بالمعجمة اي تشق يقال بض الماء من العين إذا نبع وكذا بض العرق قال وفيه روايات أخرى روى تنض بنون وضاد معجمة وروى تيصر بمثناة مفتوحة بعدها تحتانية ساكنة وصاد مهملة ثم راء قال وذكر الشيخ أبو الحسن ان معناه تنشق قال ومنه صير الباب اي شق الباب ورده ابن التين بان صير عينه حرف علة فكان يلزم أن يقول تصور وليس هذا شئ من الروايات ورأيت في رواية أبي ذر عن الكشميهني تنصب بفتح المثناة وسكون النون وفتح الصاد المهملة بعدها موحدة فتوافق الرواية الأولى لأنها بمعنى تسيل * الحديث الثاني والثالث عن انس في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم أورده من أربعة طرق من رواية قتادة وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة والحسن البصري وحميد وتقدم عنده في الطهارة من رواية ثابت كلهم عن أنس وعند بعضهم ما ليس عند بعض وظهر لي من مجموع الروايات أنهما قصتان في موطنين للتغاير في عدد من حضر وهي مغايرة واضحة يبعد الجمع فيها وكذلك تعيين المكان الذي وقع ذلك فيه لان ظاهر رواية الحسن ان ذلك كان في سفر بخلاف رواية قتادة فإنها ظاهرة في أنها كانت بالمدينة وسيأتي في غير حديث أنس أنها كانت في مواطن أخر قال عياض هذه القصة رواها الثقات من العدد الكثير عن الجم الغفير عن الكافة متصلة بالصحابة وكان ذلك في مواطن اجتماع الكثير منهم في المحافل ومجمع العساكر ولم يرد عن أحد منهم انكار على راوي ذلك فهذا النوع ملحق بالقطعي من معجزاته وقال القرطبي قضية نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم تكررت منه في عدة مواطن في مشاهد عظيمة ووردت من طرق كثيرة يفيد مجموعها العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي قلت أخذ كلام عياض وتصرف فيه قال ولم يسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه وسلم وحديث نبع الماء جاء من رواية أنس عند الشيخين وأحمد وغيرهم من خمسة طرق وعن جابر بن عبد الله من أربعة طرق وعن ابن مسعود عند البخاري والترمذي وعن ابن عباس عند أحمد والطبراني من طريقين وعن ابن أبي ليلى والد عبد الرحمن عند الطبراني فعدد هؤلاء الصحابة ليس كما يفهم من اطلاقها وأما تكثير الماء بان يلمسه بيده أو يتفل فيه أو يأمر بوضع شئ فيه كسهم من كنانته فجاء في حديث عمران بن حصين في الصحيحين وعن البراء بن عازب عند البخاري وأحمد من طريقين وعن أبي قتادة عند مسلم وعن أنس عند البيهقي في الدلائل وعن زياد بن الحرث الصدائي عنده وعن حبان ابن بح بضم الموحدة وتشديد المهملة الصدائي أيضا فإذا ضم هذا إلى هذا بلغ الكثرة المذكورة أو قاربها وأما من رواها من أهل القرن الثاني فهم أكثر عددا وإن كان شطر طرقه افرادا وفي الجملة يستفاد منها الرد علي ابن بطال حيث قال هذا الحديث شهده جماعة كثيرة من الصحابة الا أنه لم يرو الا من طريق أنس وذلك لطول عمره وتطلب الناس العلو في السند انتهى وهو ينادي عليه بقلة الاطلاع والاستحضار لأحاديث الكتاب الذي شرحه وبالله التوفيق قال القرطبي ولم يسمع بمثل هذه المعجزة عن غير نبينا صلى الله عليه وسلم حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه وقد نقل ابن عبد البر عن المزني أنه قال نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم
(٤٢٧)