قريبا في باب الغلول وقوله فيه ابن عوف هو عبد الرحمن وابن عفان هو عثمان وخصهما بالذكر على طريق المثال لكثرة نعمهما لأنهما كانا من مياسير الصحابة ولم يرد بذلك منعهما البتة وانما أراد انه إذا لم يسع المرعى الا نعم أحد الفريقين فنعم المقلين أولى فنهاه عن ايثارهما على غيرهما أو تقديمهما قبل غيرهما وقد بين حكمة ذلك في نفس الخبر (قوله ببيته) كذا للأكثر بمثناة قبلها تحتانية ساكنة بلفظ مفرد البيت وللكشميهني بنون قبل التحتانية بلفظ جمع البنين والمعنى متقارب (قوله يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين) حذف المقول لدلالة السياق عليه ولأنه لا يتعين في لفظ والتقدير يا أمير المؤمنين أنا فقير يا أمير المؤمنين أنا أحق ونحو ذلك (قوله أفتاركهم انا) استفهام انكار ومعناه لا أتركهم محتاجين وقوله لا أبا لك بفتح الهمزة والموحدة وظاهره الدعاء عليه لكنه على مجازه لا على حقيقته وهو بغير تنوين لأنه صار شبيها بالمضاف والا فالأصل لا أبا لك والحاصل انهم لو منعوا من الماء والكلا لهلكت مواشيهم فاحتاج إلى تعويضهم بصرف الذهب والفضة لهم لسد خلتهم وربما عارض ذلك الاحتياج إلى النقد في صرفه في مهم آخر (قوله إنهم ليرون) بضم التحتانية أوله بمعنى الظن وبفتحها بمعنى الاعتقاد وقوله أني قد ظلمتهم قال ابن التين يريد أرباب المواشي الكثيرة كذا قال والذي يظهر لي أنه أراد أرباب المواشي القليلة لانهم المعظم والأكثر وهم أهل تلك البلاد من بوادي المدينة ويدل على ذلك قول عمر انها لبلادهم وانما ساغ لعمر ذلك لأنه كان مواتا فحماه لنعم الصدقة لمصلحة عموم المسلمين وقد أخرج ابن سعد في الطبقات عن معن بن عيسى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن عمر أتاه رجل من أهل البادية فقال يا أمير المؤمنين بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في الاسلام ثم تحمى علينا فجعل عمر ينفخ ويفتل شاربه وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق ابن وهب عن مالك بنحوه وزاد فلما رأى الرجل ذلك ألح عليه فلما أكثر عليه قال المال مال الله والعباد عباد الله ما أنا بفاعل وقال ابن المنير لم يدخل ابن عفان ولا ابن عوف في قوله قاتلوا عليها في الجاهلية فالكلام عائد على عموم أهل المدينة لا عليهما والله أعلم وقال المهلب انما قال عمر ذلك لان أهل المدينة أسلموا عفوا وكانت أموالهم لهم ولهذا ساوم بني النجار بمكان مسجده قال فاتفق العلماء على من أسلم من أهل الصلح فهو أحق بأرضه ومن أسلم من أهل العنوة فارضه فئ للمسلمين لان أهل العنوة غلبوا على بلادهم كما غلبوا على أموالهم بخلاف أهل الصلح في ذلك وفي نقل الاتفاق نظر لما بينا أول الباب وهو ومن بعده حملوا الأرض على أرض أهل المدينة التي أسلم أهلها عليها وهي في ملكهم وليس المراد ذلك هنا وانما حمى عمر بعض الموات مما فيه نبات من غير معالجة أحد وخص ابل الصدقة وخيول المجاهدين وأذن لمن كان مقلا ان يرعى فيه مواشيه رفقا به فلا حجة فيه للمخالف وأما قوله يرون اني ظلمتهم فأشار به إلى أنهم يدعون انهم أولى به لا أنهم منعوا حقهم الواجب لهم (قوله لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله) أي من الإبل التي كان يحمل عليها من لا يجد ما يركب وجاء عن مالك ان عدة ما كان في الحمى في عهد عمر بلغ أربعين ألفا من ابل وخيل وغيرها وفي الحديث ما كافيه عمر من القوة وجودة النظر والشفقة على المسلمين وهذا الحديث ليس في الموطأ قال الدارقطني في غرائب مالك هو حديث غريب صحيح (قوله باب كتابة الامام الناس) أي من المقاتلة أو غيرهم والمراد
(١٢٣)