ما من النبي صلى الله عليه وسلم على الأسارى من غير أن يخمس) أراد بهذه الترجمة أنه كان له صلى الله عليه وسلم أن يتصرف في الغنيمة بما يراه مصلحة فينفل من رأس الغنيمة وتارة من الخمس واستدل على الأول بأنه كان يمن على الأسارى من رأس الغنيمة وتارة من الخمس فدل على أنه كان له أن ينفل من رأس الغنيمة وقد تقدم بيان الاختلاف في ذلك وذكر فيه حديث جبير بن مطعم لو كان المطعم حيا وكلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له قال ابن بطال وجه الاحتجاج به أنه صلى الله عليه وسلم لا يجوز في حقه أن يخبر عن شئ لو وقع لفعله وهو غير جائز فدل على أن للامام أن يمن على الأسارى بغير فداء خلافا لمن منع ذلك كما تقدم واستدل به على أن الغنائم لا يستقر ملك الغانمين عليها الا بعد القسمة وبه قال المالكية والحنفية وقال الشافعي يملكون بنفس الغنيمة والجواب عن حديث الباب أنه محمول على أنه كان يستطيب أنفس الغانمين وليس في الحديث ما يمنع ذلك فلا يصلح للاحتجاج به وللفريقين احتجاجات أخرى وأجوبة تتعلق بهذه المسئلة لم أطل بها هنا لأنها لا تؤخذ من حديث الباب لا نفيا ولا اثباتا واستبعد ابن المنير الحمل المذكور فقال إن طيب قلوب الغانمين بذلك من العقود الاختيارية فيحتمل ان لا يذعن بعضهم فكيف بت القول بأنه يعطيه إياهم مع أن الامر موقوف على اختيار من يحتمل أن لا يسمح (قلت) والذي يظهر أن هذا كان باعتبار ما تقدم في أول الأمر أن الغنيمة كانت للنبي صلى الله عليه وسلم يتصرف فيها حيث شاء وفرض الخمس انما نزل بعد قسمة غنائم بدر كما تقرر فلا حجة إذا في هذا الحديث لما ذكرنا وقد أنكر الداودي دخول التخميس في أسارى بدر فقال لم يقع فيهم غير أمرين اما المن بغير فداء واما الفداء بمال ومن لم يكن له مال علم أولاد الأنصار الكتابة وأطال في ذلك ولم يأت بطائل ولا يلزم من وقوع شئ أو شيئين مما خير فيه منع التخيير وقد قتل النبي صلى الله عليه وسلم منهم عقبة بن أبي معيط وغيره وادعاؤه أن قريشا لا يدخلون تحت الرق يحتاج إلى دليل خاص والا فاصل الخلاف هل يسترق العربي أولا ثابت مشهور والله أعلم وسيأتي بقية شرحه في غزوة بدر إن شاء الله تعالى وقوله النتنى بنونين مفتوحتين بينهما مثناة ساكنة مقصور جمع نتن أو نتين كزمن وزمنى أو جريح وجرحى وروى بمهملة فموحدة ساكنة وهو تصحيف وأبعد من جعله هو الصواب (قوله باب ومن الدليل على أن الخمس للامام) تقدم توجيه ذلك قبل بباب (قوله وقال عمر بن عبد العزيز لم يعمهم) أي لم يعم قريشا وقوله ولم يخص قريبا دون من أحوج إليه اي دون من هو أحوج إليه قال ابن مالك فيه حذف العائد على الموصول وهو قليل ومنه قراءة يحيى بن يعمر تماما على الذي أحسن بضم النون اي الذي هو أحسن قال وإذا طال الكلام فلا ضعف ومنه وهو الذي في السماء اله وفي الأرض اله اي وفي الأرض هو اله (قوله وإن كان الذي أعطى) اي أبعد قرابة ممن لم يعط ووقع في هذا اختصار اقتضى توقفا في فهمه وقد من الله وله الحمد بتوجيهه وسياقه عند عمر ابن شبة في أخبار المدينة موصولا مطولا فقال فيه وقسم لهم فسما لم يعم عامتهم ولم يخص به قريبا دون من أحوج منه ولقد كان يومئذ فيمن اعطى من هو أبعد قرابة أي ممن لم يعط وقوله لما يشكو تعليل لعطية الا بعد قرابة وقوله في جنبه اي جانبه وقوله من قومهم وحلفائهم اي وحلفاء قومهم بسبب الاسلام وأشار بذلك إلى ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة من قريش بسبب الاسلام وسيأتي بسطه في موضعه إن شاء الله تعالى (قوله عن ابن المسيب) في رواية يونس
(١٧٣)