وأما بنو سليم فغدروا بالقراء المذكورين والوهم في هذا السياق من حفص بن عمر شيخ البخاري فقد أخرجه هو في المغازي عن موسى بن إسماعيل عن همام فقال بعث أخا لام سليم في سبعين راكبا وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل الحديث ويأتي شرحه مستوفى هناك فلعل الأصل بعث أقواما معهم أخو أم سليم إلى بني عامر فصارت من بني سليم وقد تكلف لتأويله بعض الشراح فقال يحمل على أن أقواما منصوب بنزع الخافض أي بعث إلى أقوام من بني سليم منضمين إلى بني عامر وحذف مفعول بعث اكتفاء بصفة المفعول عنه أو في زائدة ويكون سبعين مفعول بعث ويحتمل أن تكون من ليست بيانية بل ابتدائية أي بعث أقواما ولم يصفهم من بني سليم أو من جهة بني سليم انتهى وهذا أقرب من التوجيه الأول ولا يخفى ما فيهما من التكلف وقوله في آخر الحديث على رعل بكسر الراء وسكون المهملة بعدها لام هم بطن من بني سليم وكذا بعض من ذكر معهم وسيأتي الحديث في أواخر الجهاد أنه دعا على أحياء من بني سليم حيث قتلوا القراء وهو أصرح في المقصود ثانيهما حديث جندب وسيأتي الكلام عليه في باب ما يجوز من الشعر من كتاب الأدب ووقع فيه بلفظ نكبت إصبعه وهو الموافق للترجمة وكانه أشار فيها إلى حديث معاذ الذي أشير إليه في الباب الذي يليه وفي الباب ما أخرجه أبو داود والحاكم والطبراني من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعا من وقصه فرسه أو بعيره في سبيل الله أو لدغته هامة أو مات على أي حتف شاء الله فهو شهيد (قوله باب من يجرح في سبيل الله) أي فضله (قوله لا يكلم) بضم أوله وسكون الكاف وفتح اللام أي يجرح (قوله أحد) قيده في رواية همام عن أبي هريرة بالمسلم (قوله والله أعلم بمن يكلم في سبيله) جملة معترضة قصد بها التنبيه على شرطية الاخلاص في نيل هذا الثواب (قوله الا جاء يوم القيامة واللون لون الدم) في رواية همام عن أبي هريرة الماضية في كتاب الطهارة تكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تفجر دما (قوله والريح ريح المسك) في رواية همام والعرف فتح المهملة وسكون الراء بعدها فاء وهو الرائحة ولأصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من حديث معاذ بن جبل من جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجئ يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها الزعفران وريحها المسك وعرف بهذه الزيادة أن الصفة المذكورة لا تختص بالشهيد بل هي حاصلة لكل من جرح ويحتمل أن يكون المراد بهذا الجرح هو ما يموت صاحبه بسببه قبل اندماله لا ما يندمل في الدنيا فان أثر الجراحة وسيلان الدم يزول ولا ينفي ذلك أن يكون له فضل في الجملة لكن الظاهر أن الذي يجئ يوم القيامة وجرحه يثعب دما من فارق الدنيا وجرحه كذلك ويؤيده ما وقع عند ابن حبان في حديث معاذ المذكور عليه طابع الشهداء وقوله كأغزر ما كانت لا ينافي قوله كهيئتها لان المراد لا ينقص شيئا بطول العهد قال العلماء الحكمة في بعثه كذلك أن يكون معه شاهد بفضيلته ببذله نفسه في طاعة الله تعالى واستدل بهذا الحديث على أن الشهيد يدفن بدمائه وثيابه ولا يزال عنه الدم بغسل ولا غيره ليجئ يوم القيامة كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم وفيه نظر لأنه لا يلزم من غسل الدم في الدنيا أن لا يبعث كذلك ويغني عن الاستدلال لترك غسل الشهيد في هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد زملوهم بدمائهم كما سيأتي بسطه في مكانه إن شاء الله تعالى (قوله باب قول الله عز وجل قل هل تربصون بنا الا إحدى
(١٥)