وقد اتفقوا على أنهم ان تمكنوا من العلم به ثبت حكمة في حقهم اتفاقا فإن لم يتمكنوا فالجمهور انه لا يثبت وقيل يثبت في الذمة كما لو كان نائما ولكنه معذور (قوله عن أيوب) صرح الحميدي عن سفيان بتحديث أيوب له به (قوله إن عليا حرق قوما) في رواية الحميدي المذكورة ان عليا أحرق المرتدين يعني الزنادقة وفي رواية ابن أبي عمر ومحمد بن عباد عند الإسماعيلي جميعا عن سفيان قال رأيت عمرو بن دينار وأيوب وعمارا الدهني اجتمعوا فتذاكروا الذين حرقهم علي فقال أيوب فذكر الحديث فقال عمار لم يحرقهم ولكن حفر لهم حفائر وخرق بعضها إلى بعض ثم دخن عليهم فقال عمرو بن دينار قال الشاعر لترم بي المنايا حيث شاءت * إذا لم ترم بي في الحفرتين إذا ما أججوا حطبا ونارا هناك * الموت نقدا غير دين انتهى وكأن عمرو بن دينار أراد بذلك الرد على عمار الذهبي في انكاره أصل التحريق ثم وجدت في الجزء الثالث من حديث أبي طاهر المخلص حدثنا لوين حدثنا سفيان بن عيينة فذكره عن أيوب وحده ثم أورده عن عمار وحده قال ابن عيينة فذكرته لعمرو بن دينار فأنكره وقال فأين قوله أوقدت ناري ودعوت قنبرا فظهر بهذا صحة ما كنت ظننته وسيأتي للمصنف في استتابة المرتدين في آخر الحدود من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال أتى على بزنادقة فأحرقهم ولأحمد من هذا الوجه ان عليا أتى بقوم من هؤلاء الزنادقة ومعهم كتب فامر بنار فأججت ثم أحرقهم وكتبهم وروى ابن أبي شيبة من طريق عبد الرحمن بن عبيد عن أبيه قال كان ناس يعبدون الأصنام في السر ويأخذون العطاء فأتى بهم على فوضعهم في السجن واستشار الناس فقالوا اقتلهم فقال لا بل اصنع بهم كما صنع بأبينا إبراهيم فحرقهم بالنار (قوله لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تعذبوا بعذاب الله) هذا أصرح في النهي من الذي قبله وزاد أحمد وأبو داود والنسائي من وجه آخر عن أيوب في آخره فبلغ ذلك عليا فقال ويح ابن عباس وسيأتي الكلام على قوله من بدل دينه فاقتلوه في استتابة المرتدين إن شاء الله تعالى (قوله باب فاما منا بعد واما فداء) فيه حديث ثمامة كأنه يشير إلى حديث أبي هريرة في قصة اسلام ثمامة بن أثال وستأتي موصولة مطولة في أواخر كتاب المغازي والمقصود منها هنا قوله فيه ان تقتل تقتل ذا دم وان تنعم تنعم على شاكر وان كنت تريد المال فسل منه ما شئت فان النبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك ولم ينكر عليه التقسيم ثم من عليه بعد ذلك فكان في ذلك تقوية لقول الجمهور ان الامر في أسرى الكفرة من الرجال إلى الامام يفعل ما هو الاحظ للاسلام والمسلمين وقال الزهري ومجاهد وطائفة لا يجوز أخذ الفداء من أسارى الكفار أصلا وعن الحسن وعطاء لا تقتل الأسارى بل يتخير بين المن والفداء وعن مالك لا يجوز المن بغير فداء وعن الحنفية لا يجوز المن أصلا لا بفداء ولا بغيره فيرد الأسير حربيا قال الطحاوي وظاهر الآية حجة للجمهور وكذا حديث أبي هريرة في قصة ثمامة لكن في قصة ثمامة ذكر القتل وقال أبو بكر الرازي احتج أصحابنا لكراهة فداء المشركين بالمال بقوله تعالى لولا كتاب من الله سبق الآية ولا حجة لهم لان ذلك كان قبل حل الغنيمة فان فعله بعد إباحة الغنيمة فلا كراهة انتهى وهذا هو الصواب فقد حكى ابن القيم في الهدى اختلافا أي الامرين أرجح ما أشار به أبو بكر من أخذ الفداء أو ما أشار به عمر من القتل فرجحت طائفة رأى عمر لظاهر الآية ولما في القصة من حديث عمر من قول النبي صلى الله عليه
(١٠٦)