أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر حيث ضربه موسى بالعصا فتفجرت منه المياه لان خروج الماء من الحجارة معهود بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم انتهى وظاهر كلامه أن الماء نبع من نفس اللحم الكائن في الأصابع ويؤيده قوله في حديث جابر الآتي فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه وأوضح منه ما وقع في حديث ابن عباس عند الطبراني فجاءوا بشن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليه ثم فرق أصابعه فنبع الماء من أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عصا موسى فان الماء تفجر من نفس العصا فتمسكه به يقتضي أن الماء تفجر من بين أصابعه ويحتمل أن يكون المراد أن الماء كان ينبع من بين أصابعه بالنسبة إلى رؤية الرائي وهو في نفس الامر للبركة الحاصلة فيه يفور ويكثر وكفه صلى الله عليه وسلم في الماء فرآه الرائي نابعا من بين أصابعه والأول أبلغ في المعجزة وليس في الاخبار ما يرده وهو أولى (قوله عن سعيد) هو ابن أبي عروبة (قوله عن أنس) لم أره من رواية قتادة الا معنعنا لكن بقية الخبر تدل على أنه سمعه من أنس لقوله قلت كم كنتم لكن أخرجه أبو نعيم في الدلائل من طريق مكي بن إبراهيم عن سعيد فقال عن قتادة عن الحسن عن أنس فهذا لو كان محفوظا اقتضى ان في رواية الصحيح انقطاعا وليس كذلك لان مكي بن إبراهيم ممن سمع من سعيد بن أبي عروبة بعد الاختلاط (قوله وهو بالزوراء) بتقديم الزاي على الراء وبالمد مكان معروف بالمدينة عند السوق وزعم الداودي انه كان مرتفعا كالمنارة وكأنه أخذه من أمر عثمان بالتأذين على الزوراء وليس ذلك بلازم بل الواقع ان المكان الذي أمر عثمان بالتأذين فيه كان بالزوراء لا انه الزوراء نفسها و وقع في رواية همام عن قتادة عن أنس شهدت النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه عند الزوراء أو عند بيوت المدينة أخرجه أبو نعيم وعند أبي نعيم من رواية شريك بن أبي نمر عن انس انه هو الذي أحضر الماء وأنه أحضره إلى النبي صلى الله عليه وسلم من بيت أم سلمة وانه رده بعد فراغهم إلى أم سلمة وفيه قدر ما كان فيه أولا ووقع عنده في رواية عبيد الله بن عمر عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى قباء فأتى من بعض بيوتهم بقدح صغير ووقع في حديث جابر الآتي التصريح بأن ذلك كان في سفر ففي رواية نبيح العنزي عند أحمد عن جابر قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضرت الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما في القوم من طهور فجاء رجل بفضله في أدواة فصبه في قدح فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إن القوم أتوا ببقية الطهور فقالوا تمسحوا تمسحوا فسمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال على رسلكم فضرب بيده في القدح في جوف الماء ثم قال أسبغوا الطهور قال جابر فوالذي أذهب بصري لقد رأيت الماء يخرج من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توضؤا أجمعون قال حسبته قال كنا مائتين وزيادة وجاء عن جابر قصة أخرى أخرجها مسلم من وجه آخر عنه في أواخر الكتاب في حديث طويل فيه ان الماء الذي أحضروه له كان قطرة في اناء من جلد لو أفرغها لشربها يابس الاناء وانه لم يجد في الركب قطرة ماء غيرها قال فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم وغمز بيده ثم قال ناد بجفنة الركب فجئ بها فقال بيده في الجفنة فبسطها ثم فرق أصابعه ووضع تلك القطرة في قعر الجفنة فقال خذ يا جابر فصب علي وقل بسم الله ففعلت قال فرأيت الماء يفور من بين أصابعه ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت فاتى الناس فاستقوا حتى رووا فرفع يده من الجفنة وهي ملأى
(٤٢٨)