على أن اليمن من بني إسماعيل وفي هذا الاستدلال نظر لأنه لا يلزم من كون بني أسلم من بني إسماعيل أن يكون جميع من ينسب إلى قحطان من بني إسماعيل لاحتمال أن يكون وقع في أسلم ما وقع في اخوتهم خزاعة من الخلاف هل هم من بني قحطان أو من بني إسماعيل وقد ذكر ابن عبد البر من طريق القعقاع بن أبي حدرد في حديث الباب ان النبي صلى الله عليه وسلم مر بناس من بني أسلم وخزاعة وهم يتناضلون فقال ارموا بني إسماعيل فعلى هذا فلعل من كان هناك من خزاعة كانوا أكثر فقال ذلك على سبيل التغليب وأجاب الهمداني النسابة عن ذلك بأن قوله لهم يا بني إسماعيل لا يدل على أنهم من ولد إسماعيل من جهة الآباء بل يحتمل ان يكون ذلك لكونهم من بني إسماعيل من جهة الأمهات لان القحطانية والعدنانية قد اختلطوا بالصهارة فالقحطانية من بني إسماعيل من جهة الأمهات وقد تقدمت مباحث هذا الحديث في كتاب في كتاب الجهاد ومما استدل به على أن اليمن من ولد إسماعيل قول ابن المنذر بن عمرو بن حرام جد حسان بن ثابت ورثنا من البهلول عمرو بن عامر * وحارثة الغطريف مجدا مؤثلا مآثر من آل ابن بنت ابن مالك * وبنت ابن إسماعيل ما ان تحولا وهذا أيضا مما يمكن تأويله كما قال الهمداني والله أعلم (قوله باب) كذا هو بلا ترجمة وهو كالفصل من الباب الذي قبله ووجه تعلقه به من الحديثين الأولين ظاهر وهو الزجر عن الادعاء إلى غير الأب الحقيقي لان اليمن إذا ثبت نسبهم إلى إسماعيل فلا ينبغي لهم أن ينسبوا إلى غيره وأما الحديث الثالث فله تعلق بأصل الباب وهو ان عبد القيس ليسوا من مضر وأما الرابع فللإشارة إلى ما وقع في بعض طرقه من الزيادة بذكر ربيعة ومضر * فأما الحديث الأول وهو من حديث أبي ذر فقوله في الاسناد عن الحسين هو ابن واقد المعلم ووقع في رواية مسلم حدثنا حسين المعلم وقوله عن أبي ذر في رواية الإسماعيلي حدثني أبو ذر وفي الاسناد ثلاثة من التابعين في نسق وقوله ليس من رجل من زائدة والتعبير بالرجل للغالب والا فالمرأة كذلك حكمها (قوله ادعى لغير أبيه وهو يعلمه الا كفر بالله) كذا وقع هنا كفر بالله ولم يقع قوله بالله في غير رواية أبي ذر ولا في رواية مسلم ولا الإسماعيلي وهو أولى وان ثبت ذاك فالمراد من استحل ذلك مع علمه بالتحريم وعلى الرواية المشهورة فالمراد كفر النعمة وظاهر اللفظ غير مراد وانما ورد على سبيل التغليظ والزجر لفاعل ذلك أو المراد باطلاق الكفر ان فاعله فعل فعلا شبيها بفعل أهل الكفر وقد تقدم تقرير هذه المسئلة في كتاب الايمان وقوله ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار في رواية مسلم والإسماعيلي ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار وهو أعم مما تدل عليه رواية البخاري على أن لفظة نسب وقعت في رواية الكشميهني دون غيره ومع حذفها يبقى متعلق الجار والمجرور محذوفا فيحتاج إلى تقديره ولفظ نسب أولى ما قدر لوروده في بعض الروايات وقوله فليتبوا أي ليتخذ منزلا من النار وهو اما دعاء أو خبر بلفظ الامر ومعناه هذا جزاؤه ان جوزي وقد يعفى عنه وقد يتوب فيسقط عنه وقد تقدم تقدير ذلك (2) في كتاب الايمان في حديث من كذب علي وفي الحديث تحريم الانتقاء من النسب المعروف والادعاء إلى غيره وقيد في الحديث بالعلم ولا بد منه في الحالتين اثباتا ونفيا لان الاثم انما يترتب على العالم بالشئ المتعمد له وفيه جواز اطلاق الكفر على المعاصي لقصد الزجر كما قررناه ويؤخذ من رواية مسلم تحريم الدعوى بشئ ليس هو للمدعي
(٣٩٣)