ولو قتلت فان قتلت فعلى الناس حذيفة قال فحمل وحمل الناس فوالله ما علمت أن أحدا يومئذ يريد أن يرجع إلى أهله حتى يقتل أو يظفر فثبتوا لنا ثم انهزموا فجعل الواحد يقع على الآخر فيقتل سبعة وجعل الحسك الذي جعلوه خلفهم يعقرهم وفي رواية ابن أبي شيبة ووقع ذو الجناحين عن بغلة شهباء فانشق بطنه ففتح الله على المسلمين وفي رواية الطبري وجعل النعمان يتقدم باللواء فلما تحقق الفتح جاءته نشابة في خاصرته فصرعته فسجاه أخوه معقل ثوبا وأخذ اللواء ورجع الناس فنزلوا وبايعوا حذيفة فكتب بالفتح إلى عمر مع رجل من المسلمين (قلت) وسماه سيف في الفتوح طريف بن سهم وعند ابن أبي شيبة من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أبي عثمان هو النهدي أنه ذهب بالبشارة إلى عمر فيمكن أن يكونا ترافقا وذكر الطبري ان ذلك كان سنة تسع عشرة وقيل سنة إحدى وعشرين وفي الحديث منقبة للنعمان ومعرفة المغيرة بالحرب وقوة نفسه وشهامته وفصاحته وبلاغته ولقد اشتمل كلام هذا الوجيز على بيان أحوالهم الدنيوية من المطعم والملبس ونحوهما وعلى أحوالهم الدينية أولا وثانيا وعلى معتقدهم من التوحيد والرسالة والايمان بالمعاد وعلى بيان معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم واخباره بالمغيبات ووقوعها كما أخبر وفيه فضل المشورة وأن الكبير لا نقص عليه في مشاورة من هو دونه وأن المفضول قد يكون أميرا على الأفضل لان الزبير بن العوام كان في جيش عليه فيه النعمان بن مقرن والزبير أفضل منه اتفاقا ومثله تأمير عمرو بن العاص على جيش فيه أبو بكر وعمر كما سيأتي في أواخر المغازي وفيه ضرب المثل وجودة تصور الهرمزان ولذلك استشاره عمر وتشبيه الغائب المجوس بحاضر محسوس لتقريبه إلى الفهم وفيه البداءة بقتال الأهم فالأهم وبيان ما كان العرب عليه في الجاهلية من الفقر وشظف العيش والارسال إلى الامام بالبشارة وفضل القتال بعد زوال الشمس على ما قبله وقد تقدم ذلك في الجهاد ولا يعارضه ما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يغير صباحا لان هذا عند المصاففة وذاك عند الغارة (قوله باب إذا وادع الامام ملك القرية هل يكون ذلك لبقيتهم) أي لبقية أهل القرية أورد فيه طرفا من حديث أبي حميد الساعدي غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبوك فاهدى ملك أيلة بغلة الحديث وقد تقدم بتمامه في كتاب الزكاة وقوله وكساه بردا كذا فيه بالواو ولأبي ذر بالفاء وهو أولى لان فاعل كسا هو النبي صلى الله عليه وسلم وقوله ببحرهم أي بقريتهم قال ابن المنير لم يقع في لفظ الحديث عند البخاري صيغة الأمان ولا صيغة الطلب لكنه بناه على العادة في أن الملك الذي أهدى انما طلب إبقاء ملكه وانما يبقى ملكه ببقاء رعيته فيؤخذ من هذا أن موادعته موادعة لرعيته (قلت) وهذا القدر لا يكفي في مطابقة الحديث للترجمة لان العادة بذلك معروفة من غير الحديث وانما جرى البخاري على عادته في الإشارة إلى بعض طرق الحديث الذي يورده وقد ذكر ذلك بن إسحاق في السيرة فقال لما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه بحنة بن رؤبة صاحب أيلة فصالحه وأعطاه الجزية وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فهو عندهم بسم الله الرحمن الرحيم هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله لبحنة بن رؤبة وأهل أيلة فذكره قال ابن بطال العلماء مجمعون على أن الامام إذا صالح ملك القرية أنه يدخل في ذلك الصلح بقيتهم واختلفوا في عكس ذلك وهو ما إذا استأمن لطائفة معينة هل يدخل هو فيهم فذهب الأكثر
(١٩١)