الزبير ان النبي صلى الله عليه وسلم ضرب له أربعة أسهم سهمين لفرسه وسهما له وسهما لقرابته قال محمد بن سحنون انفرد أبو حنيفة بذلك دون فقهاء الأمصار ونقل عنه أنه قال أكره ان أفضل بهيمة على مسلم وهي شبهة ضعيفة لان السهام في الحقيقة كلها للرجل (قلت) لو لم يثبت الخبر لكانت الشبهة قوية لان المراد المفاضلة بين الراجل والفارس فلولا الفرس ما ازداد الفارس سهمين عن الراجل فمن جعل للفارس سهمين فقد سوى بين الفرس وبين الرجل وقد تعقب هذا أيضا لان الأصل عدم المساواة بين البهيمة والانسان فلما خرج هذا عن الأصل بالمساواة فلتكن المفاضلة كذلك وقد فضل الحنفية الدابة على الانسان في بعض الأحكام فقالوا لو قتل كلب صيد قيمته أكثر من عشرة آلاف أداها فإن قتل عبدا مسلما لم يؤد فيه الا دون عشرة آلاف درهم والحق ان الاعتماد في ذلك على الخبر ولم ينفرد أبو حنيفة بما قال فقد جاء عن عمر وعلي وأبي موسى لكن الثابت عن عمر وعلى كالجمهور واستدل للجمهور من حيث المعنى بان الفرس يحتاج إلى مؤنة لخدمتها وعلفها وبأنه يحصل بها من الغنى في الحرب ما لا يخفى واستدل به على أن المشرك إذا حضر الوقعة وقاتل مع المسلمين يسهم له وبه قال بعض التابعين كالشعبي ولا حجة فيه إذ لم يرد هنا صيغة عموم واستدل للجمهور بحديث لم تحل الغنائم لاحد قبلنا وسيأتي في مكانه وفي الحديث حض على اكتساب الخيل واتخاذها للغزو لما فيها من البركة واعلاء الكلمة واعظام الشوكة كما قال تعالى ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم واختلف فيمن خرج إلى الغزو ومعه فرس فمات قبل حضور القتال فقال مالك يستحق سهم الفرس وقال الشافعي والباقون لا يسهم له الا إذا حضر القتال فلو مات الفرس في الحرب استحق صاحبه وان مات صاحبه استمر استحقاقه وهو للورثة وعن الأوزاعي فيمن وصل إلى موضع القتال فباع فرسه يسهم له لكن يستحق البائع مما غنموا قبل العقد والمشتري مما بعده وما اشتبه قسم وقال غيره يوقف حتى يصطلحا وعن أبي حنيفة من دخل أرض العدو راجلا لا يقسم له الا سهم راجل ولو اشترى فرسا وقاتل عليه واختلف في غزاة البحر إذا كان معهم خيل فقال الأوزاعي والشافعي يسهم له (تكميل) هذا الحديث يذكره الأصوليون في مسائل القياس في مسئلة الايماء أي إذا اقترن الحكم بوصف لولا أن ذلك الوصف للتعليل لم يقع الاقتران فلما جاء سياق واحد أنه صلى الله عليه وسلم أعطى للفرس سهمين وللراجل سهما دل على افتراق الحكم (قوله باب من قاد دابة غيره في الحرب) ذكر فيه حديث البراء بن عازب ان هوازن كانوا قوما رماة الحديث والغرض منه قوله فيه وأبو سفيان وهو ابن الحارث بن عبد المطلب آخذ بلجامها وسيأتي شرحه مستوفى في غزوة حنين من كتاب المغازي إن شاء الله تعالى (قوله باب الركاب والغرز للدابة) قيل الركاب يكون من الحديد والخشب والغرز لا يكون الا من الجلد وقيل هما مترادفان أو الغرز للجمل والركاب للفرس وذكر فيه حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أدخل رجله في الغرز أهل الحديث وهو ظاهر فيما ترجم له من الغرز وأما الركاب فألحقه به لأنه في معناه وقال ابن بطال كأنه أشار إلى أن ما جاء عن عمر أنه قال اقطعوا الركب وثبوا على الخيل وثبا ليس على منع اتخاذ الركب أصلا وانما أراد تدريبهم على ركوب الخيل (قوله باب ركوب الفرس العرى) بضم المهملة وسكون الراء أي ليس
(٥٢)