ذلك تواضعا إن كان قال بعد أن أعلم أنه أفضل الخلق وإن كان قاله قبل علمه بذلك فلا اشكال وقيل خص يونس بالذكر لما يخشى على من سمع قصته أن يقع في نفسه تنقيص له فبالغ في ذكر فضله لسد هذه الذريعة وقد روى قصته السدي في تفسيره بأسانيده عن ابن مسعود وغيره ان الله بعث يونس إلى أهل نينوى وهي من أرض الموصل فكذبوه فوعدهم بنزول العذاب في وقت معين وخرج عنهم مغاضبا لهم فلما رأوا آثار ذلك خضعوا وتضرعوا وآمنوا فرحمهم الله فكشف عنهم العذاب وذهب يونس فركب سفينة فلججت به فاقترعوا فيمن يطرحونه منهم فوقعت القرعة عليه ثلاثا فالتقمه الحوت وروى ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن ميمون عن ابن مسعود باسناد صحيح إليه نحو ذلك وفيه وأصبح يونس فأشرف على القرية فلم ير العذاب وقع عليهم وكان في شريعتهم من كذب قتل فانطلق مغاضبا حتى ركب سفينة وقال فيه فقال لهم يونس ان معهم عبدا آبقا من ربه وانها لا تسير حتى تلقوه فقالوا لا نلقيك يا نبي الله أبدا قال فاقترعوا فخرج عليه ثلاث مرات فالقوه فالتقمه الحوت فبلغ به قرار الأرض فسمع تسبيح الحصي فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت الآية وروى البزار وابن جرير من طريق عبد الله بن نافع عن أبي هريرة رفعه لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أمر الله الحوت أن لا يكسر له عظما ولا يخدش له لحما فلما انتهى به إلى قعر البحر سبح الله فقالت الملائكة يا ربنا انا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة قال ذاك عبدي يونس فشفعوا له فأمر الحوت فقذفه في الساحل قال ابن مسعود كهيئة الفرخ ليس عليه ريش وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك قال لبث في بطن الحوت أربعين يوما ومن طريق جعفر الصادق قال سبعة أيام ومن طريق قتادة قال ثلاثا ومن طريق الشعبي قال التقمه ضحى ولفظه عشية (قوله باب قوله تعالى واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر) الجمهور ان القرية المذكورة أيلة وهي التي على طريق الحاج الذاهب إلى مكة من مصر وحكى ابن التين عن الزهري أنها طبرية (قوله إذ يعدون في السبت يتعدون يتجاوزون) قال أبو عبيدة في قوله تعالى إذ يعدون في السبت أي يتعدون فيه عما أمروا ويتجاوزون (قوله شرعا شوارع إلى قوله كونوا قردة خاسئين) هو قول أبي عبيدة أيضا (قوله بئيس) شديد قال أبو عبيدة في قوله تعالى فأخذناهم بعذاب بئيس أي شديد وزنا ومعنى قال الشاعر حنقا علي وما ترى * لي فيهم أمرا بئيسا وهذا على إحدى القراءتين والاخرى بوزن حذر وقرئ شاذا بوزن هين وهين مذكرين * (تنبيه) * لم يذكر المصنف في هذه القصة حديثا مسندا وقد روى عبد الرزاق من حديث ابن عباس بسند فيه مبهم 3 وحكاه مالك عن يزيد بن رومان معضلا وكذا قال قتادة ان أصحاب السبت كانوا من أهل أيلة وانهم لما تحيلوا على صيد السمك بان نصبوا الشباك يوم السبت ثم صادوها يوم الأحد فأنكر عليهم قول ونهوهم فأغلظوا لهم فقالت طائفة أخرى دعوهم واعتزلوا بنا عنهم فأصبحوا يوما فلم يروا الذين اعتدوا فتحوا أبوابهم فأمروا رجلا ان يصعد على سلم فأشرف عليهم فرآهم قد صاروا قردة فدخلوا عليهم فجعلوا يلوذون بهم فيقول الذين نهوهم ألم نقل لكم ألم ننهكم فيشيرون برؤوسهم وروى ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس انهم لم يعيشوا الا قليلا وهلكوا وروى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس صار شبابهم قردة وشيوخهم خنازير (قوله باب قول الله تعالى وآتينا داود زبورا
(٣٢٥)