قال ابن بطال وهذا كله في النوافل وأما صلاة الفرائض فلا تسقط بالسفر والمرض والله أعلم وتعقبه ابن المنير بأنه تحجر واسعا ولا مانع من دخول الفرائض في ذلك بمعنى انه إذا عجز عن الاتيان بها على الهيئة الكاملة أن يكتب له أجر ما عجز عنه كصلاة المريض جالسا يكتب له أجر القائم انتهى وليس اعتراضه بجيد لأنهما لم يتواردا على محل واحد واستدل به على أن المريض والمسافر إذا تكلف العمل كان أفضل من عمله وهو صحيح مقيم وفي هذه الأحاديث تعقب على من زعم أن الاعذار المرخصة لترك الجماعة تسقط الكراهة والاثم خاصة من غير أن تكون محصلة للفضيلة بذلك جزم النووي في شرح المهذب وبالأول جزم الروياني في التلخيص ويشهد لما قال حديث أبي هريرة رفعه من توضأ فاحسن وضوءه ثم خرج إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلى وحضر لا ينقص ذلك من أجره شيئا أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم واسناده قوي وقال السبكي الكبير في الحلبيات من كانت عادته ان يصلي جماعة فتعذر فانفرد كتب له ثواب الجماعة ومن لم تكن له عادة لكن أراد الجماعة فتعذر فانفرد يكتب له ثواب قصده لا ثواب الجماعة لأنه وإن كان قصده الجماعة لكنه قصد مجرد ولو كان يتنزل منزلة من صلى جماعة كان دون من جمع والأولى سبقها فعل ويدل للأول حديث الباب وللثاني ان أجر الفعل يضاعف وأجر القصد لا يضاعف بدليل من هم بحسنة كتبت له حسنة واحدة كما سيأتي في كتاب الرقاق قال ويمكن أن يقال إن الذي صلى منفردا ولو كتب له أجر صلاة الجماعة لكونه اعتادها فيكتب له ثواب صلاة منفرد بالأصالة وثواب مجمع بالفضل انتهى ملخصا (قوله باب السير وحده) ذكر فيه حديثين * أحدهما عن جابر في انتداب الزبير وحده وقد تقدم في باب هل يبعث الطليعة وحده وتعقبه الإسماعيلي فقال لا اعلم هذا الحديث كيف يدخل في هذا الباب وقرره ابن المنير بأنه لا يلزم من كون الزبير انتدب أن لا يكون سار معه غيره متابعا له (قلت) لكن قد ورد من وجه آخر ما يدل على أن الزبير توجه وحده وسيأتي في مناقب الزبير من طريق عبد الله بن الزبير ما يدل على ذلك وفيه قلت يا أبت رأيتك تختلف فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأتيني بخبر بني قريظة فانطلقت الحديث (قوله قال سفيان الحواري الناصر) هو موصول عن الحميدي عنه * ثانيهما حديث ابن عمر (قوله لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده) ساقه على لفظ أبي نعيم وقوله ما أعلم اي الذي أعلمه من الآفات التي تحصل من ذلك والوحدة بفتح الواو يجوز كسرها ومنعه بعضهم * (تنبيهان) * أحدهما قال المزي في الأطراف قال البخاري حدثنا أبو الوليد عن عاصم بن محمد به وقال بعده وأبو نعيم عن عاصم ولم يقل حدثنا أبو نعيم ولا في كتاب حماد بن شاكر حدثنا أبو نعيم انتهى والذي وقع لنا في جميع الروايات عن الفربري عن البخاري حدثنا أبو نعيم وكذلك وقع في رواية النسفي عن البخاري فقال حدثنا أبو الوليد فساق الاسناد ثم قال وحدثنا أبو الوليد وأبو نعيم قالا حدثنا عاصم فذكره وبذلك جزم أبو نعيم الأصبهاني في المستخرج فقال بعد ان أخرجه من طريق عمرو بن مرزوق عن عاصم بن محمد أخرجه البخاري عن أبي نعيم وأبي الوليد فلعل لفظ حدثنا في رواية أبي نعيم سقط من رواية حماد ابن شاكر وحده ثانيهما ذكر الترمذي ان عاصم بن محمد تفرد برواية هذا الحديث وفيه نظر لان
(٩٦)