بغير تعليم، فأنتم تروون ذلك، إذ رويتم أن ابن عمر قال: إنهم مفهمون، وأن عليا، قال: ما عندي سوى الوحي إلا أن يعطي الله فهما، فهل الفهم إلا الالهام يلهمه الله العبد، وأنتم تزعمون أن الرأي مباح لكم إذا ورد عليكم ما لا تجدونه في الكتاب ولا في السنة، فهل الرأي إلا الإلهام يلقيه الله في قلب الرجل فيقول به، كذلك الإلهام يلهمه الله الرجل فيقول به.
مع أن الشيعة لا تقول بذلك، ولا تؤمن بما تقولون به من الرأي والإلهام والدليل على ذلك قول علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: " ما عندنا إلا في كتاب الله، أو ما في الصحيفة، وصدق علي (عليه السلام)، ما كان عنده إلا ما في كتاب الله، لأن كتاب الله يجمع العلم كله الذي يحتاج الناس في أمر دينهم، فكل ما كان في الصحيفة فهو تفسير لما في كتاب الله.
وأنتم تنفرون أن يقال: عند آل محمد صحيفة فيها علم الحلال والحرام بخط علي وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإن كان ما رووه عنهم حقا إنهم قالوا ذلك فليس بعظيم ولا منكر أن يكون علي بن أبي طالب صلوات الله عليه كتب ما سمع من رسول الله، فأثبته، وورث العلم ولده، وأنتم الفقيه منكم يورث ولده المادة جلد أو أكثر أو أقل مما قد سمع وكتب، فلا ينكر ذلك بعضكم على بعض، وتنكرون على أن يكون علي صلوات الله عليه كتب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما سمع منه، ويعظم ذلك عندكم، وأنتم تروون أنه كان يقول: كنت والله أسأل فأعطى وأسكت فأبتدى، وبين الجوانح مني علم جم. فاسألوني ثم تروون عن الحسن والحسين صلوات الله عليهما أنهما كانا يكتبان علم علي (عليه السلام) عن الحارث الأعور، فوالله لئن كان علي يبذل علمه للناس ويبخل به عن ولده فلقد رميتموه بالعظيم، وما لا يمكن أنه كان يخص الناس بعلمه ويكتمه ولده وهم رجال قد بلغوا وولد لهم.. " (1).