فيلزمني حينئذ إقامة الدليل عليك.
فقال: أعوذ بالله ما أنكر إمامته ولكن أقول إنه الرابع بعد الثلاثة.
فقلت: إذا أنت تحتاج إلى إقامة الدليل على دعواك لأني لا أوافقك على إثبات هذه الوسائط.
فضحك الحاضرون من الأشراف والطلبة، وقالوا: إن العربي لمصيب والحق أحق بالاتباع، إنك مدعي وهو منكر، والمنكر لا يحتاج في إثبات دعواه إلى البينة.
فلما ألزمته قال: الدلائل على مدعاي كثيرة.
فقلت: أريد واحدة منها لا غير.
فقال: الاجماع من الأمة على إمامة أبي بكر بعد الرسول بلا فصل، وأنت لا تنكر حجية الاجماع.
فقلت: نعم أنا لا أنكر حجية الاجماع، ولكن أقول: ما تريد فيه، لأن بالإجماع الاجماع من كثرة القائل بذلك في هذا الوقت، أو الاجماع الحاصل من أهل الحل والعقد يوم موت الرسول؟
إن أردت الأول فلا حجية فيه، لأن المخالف موجود، والكثرة لا حجة فيه بنص القرآن، لأنه يقول: " وقليل من عبادي الشكور " ولم تزل الكثرة مذمومة من كل الأمور حتى في القتال قال الله تعالى: " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ".
وإن أردت الثاني فلإثباته طريقان: طريق على مذهبي ولا يلزمك، وهي أن الاجماع عندنا إنما يكون حجة مع دخول المعصوم... إلى أن قال: وطريق على مذهبك وهي أن الاجماع هو اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله عليه وآله على أمر من الأمور.