لأبي رحمه الله يتفقده ويبره قال: كان لامرأة ابن غاب عنها غيبة طويلة منقطعة وآيست منه فجلست يوما تأكل فحين كسرت لقمة وأومت بها إلى فيها وقف بالباب سائل مستطعم فامتنعت من أكل اللقمة وحملتها مع تمام الرغيف فتصدقت بها وبقيت جائعة يومها وليلتها فما مضت إلا أيام يسيرة بعد ذلك حتى عاد ابنها فأخبرها بشدائد عظيمة مرت به. وقال: أعظم شئ جرى لي، كنت منذ أيام أسلك أجمة عظيمة في الموضع الفلاني إذ خرج على أسد فقبض على من على ظهر حمار كنت راكبه وعاد الحمار وتشبكت مخالب الأسد في ثياب كانت على فما وصل إلى بدني كثير شئ من مخالبه وذهب أكثر ثيابي فأدخلني الأسد الأجمة وبرك ليفترسني فرأيت رجلا عظيم الخلقة أبيض الوجه والثياب قد جاء حتى قبض بيده من غير سلاح على قفا الأسد وشاله وخبط به الأرض وقال: قم يا كلب لقمة بلقمة. فقام الأسد هاربا يهرول وثاب إلى عقلي وطلبت الرجل فلم أجده وجلست ساعات إلى أن ثابت إلى قوتي ثم نظرت إلى نفسي فلم أجد بها بأسا فمشيت حتى لحقت بالقافلة التي كنت فيها فتعجبوا لما رؤني فحدثتهم حديث ولم أدر معنى القول من الرجل لقمة بلقمة فنظرت إلى المرأة فإذا هو وقت أن أخرجت اللقمة من فيها وتصدقت بها * وجدت في دفتر عتيق عن بعضهم. قال: خرجت إلى الحائر في أيام الحنبلية أنا وجماعة مختفين فلما صرنا في أجمة بر قال لي رفيق منهم يا فلان: إن نفسي تحدثني أن السبع يخرج فيفترسني من بين الجماعة، فإن كان ذلك فخذ حماري وما عليه فأده إلى عيالي في منزلي، فقلت له هذا استشعار يجب أن تتعوذ بالله منه وتضرب عن الذكر فيه. قال: فما مضى على هذا الامر إلا يسير حتى خرج الأسد فحين رآه الرجل سقط عن حماره يتشهد وقصده الأسد من بين الجماعة فأخذه ودخل به الأجمة وسقت الحمار وأسرعت مع القافلة وبلغت الحائر وزرنا ورجعنا إلى بغداد واسترحت في بيتي يوما أو يومين، ثم أخذت الحمار وجئت به إلى منزله لأسلمه إلى عياله فدققت الباب فخرج إلى الرجل بعينه فعانقني وبكا وبكيت وقلت حديثك؟
فقال: إن السبع ساعة أخذني وجرني إلى الأجمة وأنا لا أعقل أمرى سمعت