الرجل فقال سعيد لغلمانه: تنحوا. ثم قال: يرحمك الله أنا وأنت فاذكر حاجتك فخجل فنفخ سعيد المصباح فأطفأه ثم قال: رحمك الله لست ترى وجهي فاذكر حاجتك. قال: أصلح الله الأمير أصابتنا حاجة وأحببت ذكرها لك قال: فإذا أصبحت فأت فلانا وكيلي. فلما أصبح الرجل لقى الوكيل فقال إن الأمير قد أمر لك بشئ فهات من يحمله معك. فقال: ما عندي من يحمل معي وما أظن الأمير إلا قد أمر لي بقوصرة تمر وقد ذهب ماء وجهي، ولو كان دراهم أو دنانير لأعطانيها يد بيد. فلما كان بعد أيام قالت له امرأته يا هذا قد بلغ بنا الامر إلى ما ترى ومهما أعطاك الأمير فخذه نتقوت به أياما فاذهب والق وكيله. فلقيه فقال أين أنت لقد أخبرت الأمير أن ليس لك من يحمل ما أمر به لك. فأمرني أن أوجه معك من يحمل ذلك.
قال ثم أخرج إلى أناس من السودان على رأس كل واحد منهم بدرة دراهم وقال: امضوا معه فلما بلغ الرجل باب منزله فتح بدرة وأخرج منها دراهم فدفعها للسودان وقال انصرفوا. قالوا: إلى أين نحن عبيدك إنه ما حمل مملوك لأمير هدية فرجع المملوك إلى مالكه قال: فصلحت حال الرجل واستظهر في أمر دنياه * وذكر القاضي أبو الحسين في كتابه عن الأصمعي قال: لزمت باب الرشيد وكنت أقيم عليه طول نهاري، وأبيت بالليل مع الحراس أسامرهم وأتوقع طالع سعدى حتى كدت أموت قرا وهزالا وأنا أتصبر وأتذكر عاقبة الصبر وما وراءه من الفرج وآمل صلاح حالي باتفاق محمود، فبينما أنا ذات يوم وقد أثر في السهاد خرج بعض الحجاب فقال: هل بالباب أحد يحسن الشعر؟ فقلت الله أكبر رب مضيق فكه اليسر أنا ذاك الرجل..؟ أخذ بيدي وقال ادخل فإنه ختم لك بالسعادة ولعلها ليلة تكون فزت فيها بالغنى فقلت بشرك الله بالخير، ودخلت فواجهت الرشيد في البهو جالسا واخدم وقوفا على رأسه وجعفر بن يحيى البرمكي إلى جانبه، فوقف بي الحاجب حتى يسمع تسليمي فسلمت ثم قال: تنح قريبا لتسكن نفسك إن كنت وجدت للردعة حسنة فقلت في نفسي إن سكت فهي فرصة تفوتني إلى