وتنفذ منها إلى عيالك، وتقوى نفسك بباقيها، وتصير معي إلى عملي فأوليك أجله فقال: أحسن الله جزاك إذا تجدني بحيث أسرك ولا أقوم مقام معذر إليك إن شاء الله، وأمرت بتقبيضه ما رسمت له فقبضه وانحدر إلى الأهواز معي فجعلته المناظر للرجحى والمحاسب له بحضرتي، والمستخرج لما عليه فقام بذلك أحسن قيام وعظمت حاله معي وعادت نعمته إلى أحسن ما كانت عليه.
قال مؤلف هذا الكتاب: بلغني لعمرو بن مسعدة في زلاله هذا خلاف حدثني به عبد الله بن الحسن العبسي وهو يذكر أن أهل أمه أقرباء لبنى مازنة الذين كانوا أبناء البصرة، وأهل النعم بها. قال. حدثني أبي قال: سمعت شيوخا يتحدثون أن عمرو بن مسعدة كان مصعدا من واسط إلى بغداد في حر شديد وهو جالس في زلال، فناداه رجل يا صاحب الزلال بنعمة الله عليك إلا نظرت إلى. قال: فكشفت سجف الزلال فإذا شيخ ضعيف حاف حاسى، فقال له: قد ترى ما أنا فيه ولست أجد من يحملني فابتغ الاجر في وتقدم إلى ملاحيك يطرحوني بين مجاذيفهم إلى أن أبلغ بلدا يطرحوني فيه.
قال عمرو: فرحمته وقلت حذوه فأخذوه فغشى عليه، وكاد يموت لما لحقه من الشمس والمشي. فلما أفاق قلت له يا شيخ ما حالك، وقصتك؟ فبكى وقال:
قصتي طويلة. فسليته من بكائه وطرحت عليه قميصا ومنديلا، وأمرت له بدراهم فاستمسك وشكرني وحمد الله جلت عظمته فقلت له: لابد أن تحدثني بقصتك؟ فقال: أنا رجل كانت لله على نعمة، وكنت صيرفيا فابتعت جارية بخمسمائة دينار فعشقتها عشقا عظيما فكنت لا أفارقها إلا ساعة واحدة، فإذا خرجت إلى الدكان أخذني الجنون والهيمان حتى أعود إليها فأجلس معها بقية يومى، فدام ذلك حتى تعطل دكاني وبطل كسبي، وأقبلت أنفق رأس مالي حتى لم يبق منه قليل ولا كثير، وأنا مع ذلك الحال لا أطيق أن أفارقها بقدر ما أقعد في الدكان لا تعيش، وحبلت الجارية وأقبلت أنقض داري وأبيع أنقاضها حتى فرغت من ذلك، ولم يبق لي حيلة وضربها الطلق فقالت لي: