قلت لا أدرى. قال: فسلت بكاتب جيش. قلت: أنا كاتب معونة. قال:
لا تبالي لو أن رجلين رفعا إليك قد شج أحدهما الآخر شجة موضحة، وشج الآخر شجة مأمونة كيف كنت تفصل بينهما؟ قلت: لا أدرى. قال لست إذا كاتب معونة أطلت لنفسك أيها الرجل شغلا غير هذا. قال فصغرت إلى نفسي وغاظني فقلت: قد سئلت عن هذه الأمور ويجوز أن لا يكون عندك جوابها كما لم يكن عندي فإن كنت عالما بالجواب فقل. فقال: نعم. إن الذي تزوج أمك فتكتب إليه أما بعد: فإن الأمور تجرى من عند الله بغير محبة عباده ولا اختيارهم، بل هو تعالى مختار لهم ما أحب وقد بلغني تزويج الوالدة خار الله لك في قبضها، وأن القبور أكرم الأزواج وأستر العيوب والسلام. وأما قراح قاتل قثاء فتمسح العمود حتى إذا صار عدادا في يدك ضربته في مثله ومثل ثلثه فما خرج فهو المساحة. وأما الجارية والغلام:
فيوزن لبن الاثنتين فأيهما كان أخف فالجارية له. وأما الجنديان المتفقا الاسمين فإن كان الشق في الشفة العليا قيل فلان الأعلم، وإذا كان في الشفة السفلى قلت فلان الأفلح. وأما صاحب الشجتين فلصاحب الموضحة ثلث الدية، ولصاحب المأمونة نصف الدية، فلما أجاب بهذه المسائل تعجبت منه وامتحنته بأشياء كثيرة غيرها فوجدته ماهرا في جميعها حاذقا بليغا فقلت:
ألست زعمت أنك حائك؟ فقال أنا أصلحك الله حائك كلام ولست بحائك نساجة وأنشأ يقول:
ما مر بؤس ولا نعيم * إلا ولى فيهما نصيب فذقت حلوا وذقت مرا * كذاك عيش الفتى ضروب نوائب الدهر أدبتني * وإنما يوعظ الأديب قلت فما الذي بك من سوء الحال؟ قال: أنا رجل كاتب دامت عطلتي، وكثرت عيلتي، وتواصلت محنتي، وقلت حيلتي، فخرجت اطلب تصرفا فقطع على الطريق فصرت كما ترى فمشيت على وجهي فلما لاح لي الزلال استغثت بك قلت فإني قد خرجت إلى إلى متصرف جليل احتاج فيه إلى جماعة مثلك، وقد أمرت لك بخلعة حسنة تصلح لمثلك وخمسة آلاف درهم تصلح بها أمرك،