على باب الكهف الذي في الجبل وأدخل متاعه إليه وبسط السفرة ليأكل، وأخذ أخوه الفقير والمكاري الدواب ومضيا ليسقياها وانتظر التاجر أخاه والمكاري فاحتبسا طويلا. ثم جاء أخوه وحده وشد الدواب فقال له:
أين المكارى؟ فقال له: قد أقام في الجبل فقال له: تعالى نأكل. فتركه ومضى، ثم عاد يسعى إليه وبيده أحجار يرميه بها ويقول لأخوه: استكتف يا ابن الفاعلة. فقال: ويحك مالك ما تريد؟ فقال: أريد قتلك يا ابن الفاعلة أخذت مال أبى وعملته تجارة لك، وجعلتني غلامك قال ورفسه فألقاه على ظهره ثم أوثقه كتافا، وأثخنه ضربا بالحجارة وشجا وصاح الرجل فلم يجبه أحد فبرك أخوه الفقير على صدره، وأخرج من وسطه سكينا عظيما في قراب لها ليذبحه فرام استخراجها من القراب فتعسرت عليه فقام عن صدر أخيه وعلى يده اليسرى السكين في قرابها، وجذبها بيده اليمين وقد صار القراب من خلفه فخرجت السكين بحمية الجبدة فذبحته فوقع يخور في دمه وينزف إلى أن مات، وجفت يده على السكين بعد موته، وهي فيها وحصل على تلك الصورة وأخوه الغنى مشدود لا يقدر على الحركة والسفرة منشورة والطعام عليها، والدواب مشدودة. فأقام على تلك الصورة بقية يومه وليلته وقطعة من غد فاجتازت قافلة على المحجة، وكان بينها وبين الكهف بعد فأحست البغال بالدواب المجتازة، ونهق الحمار وجذب الرسن وجذبت البغال أرسانها فقلعت وعادت تطلب الدواب القادمة فلما رأى أهل القافلة دوابا غائرة ظنوا أنها لقوم قد أسرهم اللصوص، وكانوا في منعة فتسارعوا إلى البغال فلما قصدوها رجعت تطلب موضعها وتبعها قوم من أهل القافلة فانتهوا إلى التاجر، وشاهدوه مكتوفا والسفرة منشورة والأخ مذبوحا وبيده السكين فشاهدوا عجبا واستنطقوا الرجل فأومأ إليهم أنه لا قدرة لي على الكلام فحلوا كتافه وسقوه ماء، وأقاموا عنده إلى أن أفاق، وقدر على الكلام وأخبرهم الخبر فطلبوا المكارى فوجدوه غريقا في الماء قد أغرقه الأخ الفقير فحملوا ثقل التاجر على بغاله، وأركبوه حماره وسيروه معهم إلى المنزل * وحدثني إبراهيم ابن علي النصيبي قال: حدثني إبراهيم بن علي الصفار شيخ كان جارا