النفس دفعته ودابته فزلق ووقع في بعض سفن الجسر وتعادى الناس لخلاصته وظنوا أنه زلق نفسه وتشاغلوا به وزدت أنا في المشي ولم أعد لئلا بنكر حالي من يراني إلى أن عبرت الجسر ودخلت دار سليمان فوجدت امرأة على باب دار مفتوح فقلت لها: يا امرأة أنا خائف من القتل فأجيريني واحفظيني فقالت: ادخل وأومأت إلى غرفة فصعدت إليها فلما كان بعد ساعة إذا بزوجها على الباب ففتحته له ودخل فتأملته فإذا هو صاحبي على الجسر وهو مشدود الرأس من شجة لحقته وسألته المرأة عن خبره فأخبرها بالقصة وقال لها قد زمنت دابتي وأنفذتها لتباع في سوق اللحم وقد فاتني الغناء وجعل يشتمني وهو لا يعلم بوجودي معه في الدار وأقبلت المرأة تترفق به إلى أن هدأ فلما صليت المغرب وأقبل الظلام صعدت المرأة إلى وقالت أظنك صاحب القصة فقلت نعم فقالت: قد سمعت ما عنده فاتق الله واخرج فدعوت لها ونزلت ففتحت الباب فتحا رقيقا وكانت الدرجة في الدهليز فأفضيت إلى الباب فلما انتهيت إلى آخر الدرب وجدت الحراس قد أغلقوه فتحيرت فرأيت رجلا يفتح بابا بمفتاح رومي. فقلت: هذا رومي وهو ممن يقبل مثلي فدنوت وقلت استرني سترك الله قال: ادخل فدخلت فرأيت رجلا فقيرا وحيدا فأقمت ليلتي فبكر من غد ثم عاد نصف النهار ومعه حمالان يحمل أحدهما حصير ومخدة وجرار وكيزان وغضائر جدد وقدر جديد والآخر يحمل خبز وفاكهة ولحم وثلج فدخل وترك ذلك كله عندي وأغلق الباب فنزلت وعذلته وقلت له كلفت نفسك هذا فقال: أنا رجل مزين وأخاف أن تستقذرني فاطبخ أنت واطعمني في غضارة أجئ بها من عندي فشكرته على ذلك ومكثت عنده ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع ضاق صدري. فقلت له:
الضيافة ثلاثة وقد أحسنت وأجملت وأريد الخروج فقال لا تفعل فانى وحيد وخبرك لا يخرج من عندي أبدا فأقم إلى أن يفرج الله عنك فلست أتثاقل بك فأبيت للحين قال فخرجت حتى بلغت باب التين إلى دار عجوز من موالينا فدفعت الباب عليها فخرجت فلما رأتني بكت وحمدت الله تعالى على رؤيتي وأدخلتني الدار فلما كان في السحر وأنا نائم غير مكترث وبكرت فسعت