ولا يتعتع وأدفع إليه خمسمائة دينارا وجملا مهريا يسير عليه اثنتي عشرة ليلة إلى دمشق، فأخذت الخمسمائة دينار وإذا جمل مرحول فجعلت رحلي في الغرر وسرت اثنتي عشرة ليلة حتى وافيت دمشق ونزلت على باب هشام واستأذنت عليه فاذن لي فدخلت عليه في دار قوراء مفروشة بالرخام وبين كل رخامتين قضيب ذهب وحيطانه كذلك وهشام جالس على طنفسة حمراء وعليه ثياب خز حمر وقد تضمخ بالمسك والعنبر، وبين يديه مسك مفتوت في أواني ذهب يقلبه بيده فتفوح رائحته فسلمت عليه فرد على واستدناني فدنوت منه حتى قبلت رجله، وإذا جاريتان لم أر مثلهما وفي أذن كل واحدة منها حلقتان فيهما لؤلؤتان تتوقدان. فقال لي: كيف أنت يا حماد وكيف حالك؟
قلت بخير يا أمير المؤمنين. قال أتدري فيم بعثت إليك؟ قلت: لا قال بعثت بسبب بيت خطر في بالى لم أدر من قائله قلت وما هو؟ قال:
ودعوا بالصبوح يوما فجاءت * قينة في يمينها إبريق فقلت: هذا يقوله عدى بن زيد العبادي في قصيدة له قال أنشدنيها فأنشدته بكر العاذلون في وضح الصبح يقولون لي ألا تستفيق ويلومون فيك يا ابنة عبد الله والقلب عندكم موثوق لست أدرى إذا كثر العذل فيها * أعدو يلومني أم صديق ودعوا بالصبوح يوما فجاءت * قينة في يمينها إبريق ندمته على عقار كعين الديك * صفى سلافها الراووق قال فطرب، ثم قال: أحسنت يا حماد والله يا جارية اسقيه فسقتني شربة ذهبت بثلث عقلي وقال أعد فأعدته فاستخفه الطرب حتى نزل عن فراشه ثم قال للجارية الأخرى اسقيه فسقتني شربة ذهبت بثلث عقلي فقلت إن سقتني الثالثة افتضحت ثم قال لي: سل حوائجك؟ قلت كائنة ما كانت قال: نعم قلت إحدى الجاريتين قال هما لك بما عليهما وما لهما ثم قال: للأولى اسقيه فسقتني شربة سقطت منها ولم أعقل حتى أصبحت فإذا بالجاريتين عند رأسي وإذا عشرة من الخدم مع كل واحد منهم بدرة وقال لي أحدهم أن أمير