الباقين حتى سمحنا بذلك فأطلقناه ولم ندع عليه إلا ثوبا يستر عورته فقال.
يا فتيان أنتم مننتم على وردتم دابتي وأخشى إذا أنا سرت أن يأخذها غيركم فاعطوني قوسي ونشابي أذب بها عن نفسي وفرسي فقلنا لا نرد سلاحا على أحد فقال بعضنا لبعض وما مقدار قوس ثمنها درهمان وما نخشى من مثل هذا فأعطيناه قوسه ونشابه وقلنا انصرف فشكرنا ودعا لنا ومضى حتى غاب عن أعيننا فما كدنا نسير والجارية تبكى وتقول أنا حرة ولا يحل لكم أن تأخذوني فنحن في هذا وإذا بالرجل قد كر راجعا وقال يا فتيان أنا لكم ناصح فإنكم قد أحسنتم إلى ولا بد لي من مكافأتكم على إحسانكم بنصيحتي لكم فقلنا ما نصيحتك فقال: دعوا ما في أيديكم وانصرفوا سالمين بأنفسكم ولكم الفضل فإنكم مننتما على رجل واحد وأنا أمن على سبعين رجلا منكم وإذا به قد انقلبت عينا في أم رأسه وخرج الزبد على أشداقه كالجمل الهائج فهزأنا به وضحكنا فأعاد علينا النصيحة فقال يا قوم قد مننت عليكم لا تجعلوا لأرواحكم سبيلا فزاد غيظنا عليه فقصدناه وحملنا عليه فانحاز عنا ورمى خمس نشابات كانت بيده فقتل بها منا خمسة أنفار وأخذ خمسة أخر وقال إن جماعتكم تموت على هذا إن لم تخلوا عن ما في أيديكم فلم نزل ندافعه ويقتل منا حتى قتل خمسين رجلا وبقى معه النشاب في جعبته ثم قتل منا جماعة آخرين فاضطررنا إلى أن ترجلنا فحاز دوابنا وحده وساقها قليلا ثم رجع وقال أطالبكم بحلمكم من رمى بسلاحه فهو آمن ومن تمسك به فهو أبصر فرمينا سلاحنا فقا آمنين وأخذ جميع السلاح والدواب وفاتتنا الغنيمة والخيل والسلاح وكان ذلك سبب توبتي عن قطع الطريق أنفة لما لحقني منه وأنا على ذلك الحال إلى اليوم.