فمن في الكارة ممن تعنى به حتى أطلقه. فقلت: كلهم عندي بمنزلة واحدة فلو أفرجت عن الجميع كان أحسن بك. فقال: والله لولا أن أصحابي فرقوا ما أخذوا لفعلت ذلك ولكنهم لا يطيعوني في رده إلا أنى لا أدع أحدا يأخذ من السفن الباقية شيئا بعد هذا فجزيته الخير فصعد إلى الشط وأصعد جميع أصحابه ومنع أن يؤخذ شئ من السفن الباقية فما تعرض إليها أحد ورد على قوم ضعفاء أشياء كثيرة كانت أخذت منهم وأطلق الناس وسار معي في أصحابه إلى أن صار بيني وبين المأمن شئ يسير ثم ودعني وانصرف إلى أصحابه.
حدثت عن بعض التجار البغداديين. قال: خرجت بسلع لي ومتاع من بغداد أريد واسطا، وكان اليزيدي بها. والدنيا مفتتنة، فقطع على الطريق وعلى الكار الذي كنت فيه لص كان في الطريق يقال له ابن حمدون يطلع قريبا من بغداد فأفقرني وكان معظم ما أملكه معي فسهل على الموت وطرحت نفسي له وكنت أسمع ببغداد أن ابن حمدون فيه فتوة وظرف وأنه إذا قطع لم يعرض لأصحاب البضائع القليلة التي تكون دون الألف وإذا أخذ ممن حاله ضعيفة شيئا قاسمه عليه فترك شطر ماله في يديه وأنه لا يفتش امرأة ولا يسلبها وحكايات كثيرة مثل ذلك فأطمعني ذلك في أن يرق لي فصعدت إلى الموضع الذي هو فيه جالس فخاطبته في أمرى ورفقته ووعظته وقلت له:
إن جميع ما أمتلكه قد أخذه وإنني أحتاج إلى أن أتصدق من بعده. قال:
فقال لي يا هذا: لعن الله السلطان الذي أحوجنا إلى هذا فإنه قد أسقط أرزاقنا فاحتجنا إلى هذا الفعل ولسنا فيما نفعل ارتكاب أمر عظيم مما يرتكبه السلطان أنت تعلم أن ابن شيراز ببغداد يصادر الناس ويفقرهم حتى يأخذ الموسر المكثر فلا يخرج من حبسه وهو يهتدى إلى شئ غير الصدقة وكذلك يفعل اليزيدي بواسط والبصرة والديلم وبالأهواز وقد علمت أنهم يأخذون أصول الضياع والدور والعقار ويتجاوز ذلك إلى الحرم والأولاد فاحسبونا نحن مثل هؤلاء. فقلت أعزك الله ظلم الظلمة لا يكون حجة، والقبيح