من الأكراد تحته الأصفر الذي حملني عليه ذو الرياستين وعليه الممطر الخز ثم وقف بالقرب منى وابتدأ ينشد (مدارس آيات) ويبكى. فلما رأيت ذلك عجبت من لص يتشيع، ثم طمعت في القميص والمنشفة. فقلت يا سيدي لمن هذه القصيدة؟ فقال: وما أنت وذلك ويلك. فقلت له: فيه سبب أخبرك به. فقال: هي أشهر بصاحبها من أن يجهل. فقلت: ومن هو؟ قال دعبل ابن علي الخزاعي شاعر آل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت يا سيدي أنا والله دعبل وهذه قصيدتي. فقال ويلك ما تقول؟. قلت: الامر أشهر من ذلك فاسأل أهل القافلة بصحة ما أخبرتك به. فقال: لا جرم والله ولا يذهب من القافلة خلالة فما فوقها ثم نادى في الناس من أخذ شيئا يرده على صاحبه فردوا على الناس أمتعتهم وعلى جميع ما كان معي ما فقد أحد عقالا ثم انصرفنا إلى شأننا. فقال راوي هذا الخبر عن دعبل فحدثت بهذا الحديث علي بن بهزا الكردي فقال لي ذلك والله أبى الذي فعل هذا.
حدثني عبد الله بن عمرو الحارث الواسطي السراج المعروف بأبي أحمد الحارث. قال: كنت مسافرا في بعض الجبال فخرج علينا ابن سيار الكردي فقطع علينا وكان بزي الامراء لا بزي القطاع فقربت منه أنظر إليه وأسمع كلامه فوجدته يدل على فهم وأدب فداخلته فإذا برجل فاضل يروى الشعر ويفهم النحو فطمعت فيه وعملت في الحال أبياتا مدحته بها. فقال:
لست أعلم أن هذا من شعرك ولكن اعمل لي على قافية هذا البيت ووزنه شعرا الساعة لاعلم أنك قلته، وأنشدني بيتا: قال: فعملت في الحال إجارة له ثلاثة أبيات. فقال لي أي شئ أخذ منك لأرده عليك. قال فذكرت ما أخذ منى واستضفت إليه قماش رفيقين كانا لي فرد جميع ذلك، ثم أخذ من أكياس التجار التي نهبها كيسا فيه ألف درهم فوهبه لي. قال: فجزيته خيرا ورددته عليه. فقال لي: لم لم تأخذه فواربت في كلامي، قال أحب أن تصدقني، فقلت وأنا آمن قال نعم. قلت: لأنك لا تملكه وهو من أموال الناس أخذته منهم الساعة ظلما فكيف يحل لي أخذه. فقال لي: أما قرأت ما ذكره الجاحظ