المنجم ركبت مهرا لي وقد خرجت إلى دار الضرب وأبى فيها وكان إليه العيار فبلغت إلى سباط في درب الديرج فنفر المهر من كلب كان في الطريق رابضا فضرب رأسي حائطا كان في السباط فوقعت عن المهر مغشيا على ثم حملت إلى دار الضرب فأحضروا طبيبا وقد انتفخ موضع من رأسي انتفاخا عظيما فأشار بفصدي ففصدت فلم يخرج لي دم فحملت إلى بيتنا ولم أشك في أنى ميت لشدة ما لحقني فاعتللت مدة وضعفت نفسي خوفا مما ذكر من حكم المنجم وكنت يوما جالسا مستندا على سرير وقد آيست من نفسي إذ حملتني عيناي فخفق رأسي فضرب درابزين السرير فانشج الموضع المنتفخ وخرج منه أرطال دم فخف ما بي في الحال وصلحت وبرأت وعشت إلى الآن وكان له يوم. وقد حدثني بهذا الحديث وهو ابن أربع وثمانون سنة وشهور على ما أخبرني.
حدثني أبو الحسن بن علي بن أبي محمد الحسين بن محمد الصالحي الكاتب.
قال: رأيت بمصر طبيبا كان بها مشهورا يعرف بالقطيعي. وكان يقول:
يكسب في كل شهر ألف دينار من جرايات يجريها عليه قوم من رؤساء العسكر ومن السلطان وما يأخذه من العامة. قال: وكان له دار قد جعلها شبه بيمارستان من جملة داره، يأوى إليها ضعفاء الاعلاء ويعالجهم ويقوم بأغذيتهم وأدويتهم وخدمتهم وينفق أكثر كسبه على ذلك. قال أبو الحسن:
وأصيب أحد فتيان الرؤساء بمصر بالسكتة وأسماه لي وذهب عنى اسمه، فحمل إلى الأطباء وفيهم القطيعي فأجمعوا على موته إلا القطيعي، وعمل أهله على غسله وكفنه. فقال القطيعي: دعوني أعالجه فإن برئ وإلا فليس يلحقه أكثر من الموت الذي قد أجمع هؤلاء عليه فخلاه أهله معه. فقال:
هاتوا غلاما جلدا ومقارع، فأتى بذلك، فأمر به وضربه عشر مقارع بأشد الضرب. ثم مس مجسه وضربه عشرا أخرى شديدة ثم مس مجسه وضربه أيضا عشرا أخرى ثم مس مجسه وضربه عشرا أخرى ثم مس مجسه. وقال للأطباء أيكون للميت نبض متحرك. فقالوا لا: فضربه عشر مقارع أخرى