لله عز وجل، وكلما خرج الدم يحرك رأسه ويصفر لونه إلى أن تكلم فقال:
أين أنا؟ فطيبت نفسه وغذيناه صدر دارج، وسقيناه نبيذا وما زلت أسعطه بالطيب في أنفه حتى تراجعت إليه قوته، وأدخل الخاصة والقواد إليه فسلموا عليه من بعد لما كان قد شاع من خبره ثم تكاملت قوته، ووهب الله له العافية. فلما خرج من علته دعا بصاحب حرسه وصاحب شرطته وحاجبه فسأل صاحب الحرس عن غلته في كل سنة فعرف أنها ألف ألف درهم، وسأل صاحب شرطته عن غلته فعرف أنها خمسمائة ألف درهم. ثم قال لي يا جبرئيل: كم غلتك؟ فقلت: خمسين ألف درهم. فقال: ما أنصفناك حيث غلات هؤلاء وهم يحرسوني ويحجبوني عن الناس على ما هي عليه وتكون غلتك ما ذكرت، وأمر باقطاعي ما قيمته ألف ألف درهم فقلت: أسيدي مالي حاجة إلى الاقطاع ولكن تهب لي ما أشترى الضياع بها ففعل وتقدم بمعاونتي على ابتياعها فابتعت بهباته وصلاته ضياعا غلتها ألف ألف درهم فجميع ما امتلكته ضياعا لا أقطاع فيها.
حدثني طلحة بن عبد الله بن قياس الطائي الجوهري البغدادي أبو جعفر قال: كان في درب مهروية الجانب الشرقي ببغداد قديما رجل من كبراء الحجزية، وكان متشببا بغلام من غلمانه رباه صغيرا فاعتل الغلام علة من بلسام وهو الذي تسميه العاملة البرسام فبلغ إلى حالة قبيحة، وزال عقله فتفرقوا عنه يوما وهو في موضع فيه خيش، ووكلوا صبيا بمراعاته فسمعوا صياح الفتى الموكل به. فبادروا إليه فقال: انظروا إلى ما قد أصابه. فإذا عقرب قد نزل من المسند على رأس العليل، فلسعته في عدة مواضع. فإذا به قد فتح عينيه، وهو لا يشكوا ألما. فسألوه عن حاله فطلب ما يأكل فأطعموه، وبرأ. فلاموا طبيبه فقال: علام تلومونني لو أمرتكم أن تلسعوه بعقرب أكنتم تفعلون؟.