مالا، فأخذت القطعة وهي كما قال فجعلتها في هميان من صفته كيت وكيت.
قال: ووصف الهميان الذي عندي، وجعلت في الهميان ألف دينار عينا من مالي وجعلته على وسطى، فلما جئت إلى بغداد، نزلت أسبح في الجزيرة بسوق يحيى وتركت الهميان وثيابي بحيث ألاحظهما، فلما صعدت من دجلة لبست ثيابي وقد غربت الشمس وأنسيت الهميان فلم أذكره إلا من غد، فغدوت لطلبه وكأن الأرض قد ابتلعته فهونت على نفسي المصيبة، وقلت: لعل قيمة الحجر خمسة آلاف دينار أغرمها فخرجت إلى الحج وقضيت حجى ورجعت إلى بلدي فأنفذت إليه ما حملته به، وأخبرته بخبري وقلت له: خذ منى تمام الخمسة آلاف دينار فطمع وقال: قيمة الحجر خمسون ألف دينار وقبض على جميع ما أملكه من مال ومتاع وأنزل صنوف المكاره بي، وحبسني سبع سنين كنت أتردد فيها في العذاب. فلما كان في هذه السنة سأله الناس في أمري فأطلقني فلم يمكنني المقام في بلدي، وتحمل شماتة الأعداء فخرجت على وجهي أعالج الفقر بحيث لا أعرف، وجئت مع الخراسانية أمشى أكثر الطريق، ولا أدرى ما أعمل فجئت لأشاورك في معاش أتعلق به.
فقلت يا هذا: قد رد الله عز وجل عليك ضالتك هذا الهميان الذي وصفته عندي، وقد كان فيه ألف دينار أخذتها، وعاهدت الله عز ذكره أنى ضامنها لمن يعطيني صفة الهميان، وقد أعطيتني صفته وعلمت أنه لك، وقمت فجئت بكيس فيه ألف دينار فقلت: خذها وتعيش بها ببغداد فإنك لا تعدم خيرا إن شاء الله تعالى. فقال لي يا سيدي: الهميان بعنيه عندك لم يخرج عن يدك. قلت: نعم فشهق شهقة ظننت أنه قد تلف منها. وخر ساجدا فما أفاق إلا بعد ساعة ثم قال:
ائتني بالهميان، فجئته به فقال: سكين فأعطيته فخرق أسفله واستخرج منه حجر ياقوت أحمر كالكف، فأشرق البيت منه وكاد أن يأخذ بصرى شعاعه وأقبل يشكرني ويدعو لي فقلت: خذ دنانيرك فحلف بكل يمين أنه لا يأخذ منها شيئا إلا ثمن ناقة. ومحمل ونفقة تبلغه. فاجتهدت به فبعد جهد أخذ ثلاثمائة دينار وأحلني من الباقي. فلما كان في العام المقبل جاءني بقريب مما كان يجيئني به سالفا. فقلت: