بألوف كثيرة فلما كان سنة من السنين تأخر عن الحاج، فأثر ذلك في حالي، ثم توالت على محن فأغلقت دكاني، وجلست في بيتي مستترا من دين ركبني ثلاثا أو أربع سنين، فلما كان في وقت ورود الحجاج تتبعت نفسي لأعرف خبر الخراساني طمعا لاصلاح حالي بوروده، فمضيت إلى سوق يحيى فلم اعط له خبرا، ورجعت فنزلت إلى الجزيرة وأنا تعب مغموم، وكان يوما حارا ونزلت إلى دجلة فسبحت وصعدت وأنا رطب، فابتل موضع قدمي وخطوت فعلقت برجلي قطعة رمل فانكشف سير فلبست ثيابي، وغسلت رجلي وجلست مفكرا أولع بالسير فانجر فلم أزل أجره حتى بان لي هميان من جلد فأخرجته فإذا هو مملوء فأخفيته تحت ثيابي، وجئت إلى منزلي ففتحته فإذا فيه ألف دينار عينا فقويت نفسي به قوة شديدة وقلت: اللهم لك على أنى متى صلحت حالي بهذه الدنانير وعادت، أن أتحرى خبر هذا الهميان فمن علمت أنه له رددته عليه بقيمة ما فيه من الدنانير واحتفظت بالهميان، وأصلحت أمري مع غرمائي، وفتحت دكاني وعدت إلى رسمي في التجارة والسمسرة فما مضت على إلا ثلاث سنين حتى صار في ملكي عين وورق بألوف دنانير، وجاء الحجاج فتبعتهم لأعرف خبر الهميان فلم يعطيني أحد خبره.
فصرت إلى دكاني فأنا جالس وإذا برجل قائم حيال دكاني أشعث أغبر وافى السبال، وفى خلقه سؤال الخراسانية وزيهم فظننته سائلا، فأومأت إلى دريهمات لأعطيه فأسرع الانصراف فارتبت به وقمت فلحقته فتأملته فإذا هو صاحبي الذي كنت أنتفع من سمسرته في كل سنة. فقلت له:
ما الذي أصابك؟ وبكيت رحمة له. فبكى وقال: حديثي طويل. فقلت: البيت البيت. فحملته فأدخلته الحمام، وألبسته ثيابا نظافا وأطعمته، ثم سألته عن خبره فقال: أنت تعرف حالي ونعمتي وإني أردت الخروج إلى الحج بعد آخر سنة جئت إلى بغداد فقال لي أمير بلدي: عندي قطعة ياقوت أحمر كالكف، لا قيمة لها عظما وجلالة، ولا تصلح إلا للخليفة. فخذها معك فبعها لي ببغداد واشترى لي بها متاعا طلبه من عطر وظرف بكذا وكذا واحمل الباقي