فورد على قلبي أمر عظيم ما ورد على مثله قط، فأقبلت أبكى وألطم وأصبح فإذا برجل قد أخرج رأسه من شباك في داره فقال ويلك مالك تبكى. ما تدعنا أن ننام؟ فشرحت له القصة فقال يا هذا: البكاء كله بسبب دانق ونصف فداخلني من الغم أعظم من الغم الأول فقلت يا هذا: والله ما عندي قدر لما ذهب منى، ولكن بكائي رحمة لزوجتي ولنفسي مما قد وقعت إليه فان امرأتي تموت الآن وولدي جوعا، ووالله العلى الأعلا، وعلى وحلف أيمانا غليظة لقد حججت في سنة كذا وكذا وأنا أملك من المال شيئا كثيرا فذهب منى هميان فيه دنانير وجواهر تساوى ثلاثة آلاف دينار فما فكرت فيه، وهو ذا تراني الساعة أبكى بسبب دانق ونصف فضة فأسأل الله تعالى السلامة، ولا تعايرني فتبلى بمثل بلواي. قال فقال لي: بالله يا رجل ما كان صفة هميانك؟
فأقبلت ألطم وقلت ما ينفعني ما خاطبتني به وما تراه من جهدي وقيامي في المطر حتى تستهزئ بي أيضا وما ينفعني وينفعك من صفة همياني الذي الذي ضاع منذ كذا وكذا سنة؟. قال: ومشيت فإذا الرجل قد خرج وهو يصيح بي فقال يا رجل خذ هذا فظننته يتصدق على فجئت وقلت له أي شئ تريد؟
فقال لي صف هميانك وقبض على فلم أجد للخلاص سبيل غبر وصفه له فوصفته. فقال لي أدخل. فدخلت. فقال: أين امرأتك قلت في الخان الفلاني. قال فأنفذ غلمانه فجاؤوا بها فأدخلت إلى حرمه فأصلحوا شأنها وأطعموها كل ما تحتاج إليه وجاؤني بجبة وقميص وعمامة وسراويل وأدخلني الحمام سحرا، وطرحت ذلك على فأصبحت في عيشة راضية. فقال: أقم عندي أياما فأقمت عشرة أيام فكان يعطيني في كل يوم عشرة دنانير وأنا متحير في عظم بره بعد شدة جفائه فلما كان بعد ذلك قال لي: في أي شئ تتصرف قلت كنت تاجرا. قال فلى غلات وأنا أعطيك رأس مال تتجر فيه وتشركي؟.
فقلت افعل، فأخرج لي مائتي دينار فقال خذها واتجر فيها هاهنا. فقلت:
هذا معاش قد أغناني الله يجب أن ألزمه فلزمته فلما كان بعد شهور ربحنا فجئته وأخذت حقي وأعطيته حقه. فقال لي: اجلس فجلست فأخرج إلى همياني