من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج ١ - الصفحة ٣٩
يعصيه. وأن المؤمن لا ينجسه شئ (1) وإنما يكفيه مثل الدهن " (2).
79 - وقال الصادق عليه السلام: " من تعدى في وضوئه كان كناقضه " (3).
80 - وفي ذلك حديث آخر باسناد منقطع رواه عمر بن أبي المقدام قال:
" حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لأعجب ممن يرغب أن يتوضأ اثنتين اثنتين وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتين اثنتين، فإن النبي صلى الله عليه وآله كان يجدد الوضوء لكل فريضة ولكل صلاة ".
فمعنى الحديث هو اني لأعجب ممن يرغب عن تجديد الوضوء وقد جدده النبي صلى الله عليه وآله، والخبر الذي روي " أن من زاد على مرتين لم يؤجر " يؤكد ما ذكرته (4) ومعناه أن تجديده بعد التجديد لا أجر له (5) كالاذان، من صلى الظهر

(١) يعنى لا ينجسه شئ من الاحداث بحيث يحتاج إلى صب الماء الزائد في ازالته.
(٢) لما بين - رحمه الله - بالآية الشريفة أن من تعدى حدا من حدود الله تعالى فهو ظالم لنفسه أراد أن يبين أن الوضوء حد من حدود الله تعالى ليثبت أن من تعدى تعدى حدا من حدود الله فيكون ظالما وليس غرضه الاستشهاد بذيل الخبر لان كفاية الدهن لا ينافي استحاب تكرار الغسل في وضوئه، وفى القاموس: الدهن ويضم قدر ما يبل وجه الأرض من المطر. (مراد) قول " مثل الدهن " أي أقل مراتب الاجزاء أو لدفع وسواس المؤمنين (م ت) (٣) ظاهر التعدي عدم الاتيان به على وجه زاد فيه أم نقص. وقال الفاضل التفرشي: وجه الشبه بين المتعدى والناقض عدم جواز الدخول به في الصلاة. وفى بعض النسخ " كان كناقصه " بالصاد المهملة فمعنى التعدي الزيادة عليه أي من زاده على ما شرع كمن نقصه منه في البطلان. (مراد) (٤) يعنى أن المراد بالاثنين التجديد. وفى التأكيد نظر نعم لا ينافيه (سلطان).
(٥) لا يخفى جريان هذا التوجيه في الرواية الأولى أيضا وجريان التوجيه السابق هنا أيضا بأدنى تكلف بأن يكون التعجب من الرغبة إليه لا من الرغبة عنه ويكون قوله:
" وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله " من قول الراغب إليه فصار المعنى انى لأعجب ممن رغب إلى الاثنين قائلا ان رسول الله صلى الله عليه وآله توضأ اثنين، وأقرب التوجيهات حمل التثنية على الغسلتين والمسحتين كما ذكره الشيخ البهائي (سلطان). وقال التفرشي (ره): " قوله يؤكد ما ذكرته " لعل وجه التأكيد أن الغسلة الثانية لا أجر لها والزائدة عليها بدعة كما يجئ في باب حد الوضوء عن المؤلف رحمه الله وهو مضمون مرسلة ابن أبي عمير فلما جعل الزائد على المرتين مما لا أجر له لا ما هو بدعة علم أن المراد به تجديد الوضوء دون الغسلة ويؤيد المؤلف (ره) أيضا أن الوضوء في الغسلة مجاز لا يصار إليه الا لدليل، وأما تأنيث اثنتين فكما يصح بحمل الوضوء على الغسلات يصح بحمله على معناه لكونه عبارة عن الغسلات والمسحات ولعل الفرق بين ما لا أجر له وما هو بدعة كما وقعا في مرسلة ابن أبي عمير * مع اشتراكهما في عدم استحقاق الاجر بهما يرجع إلى أن مالا أجر له لم يتعلق به طلب ولم ينه عنه في نفسه، وما هو بدعة مما نهى عنه ففي الأول لم يأت المكلف بمنكر في نفسه وان أخطأ في الاتيان به بقصد الطاعة، فيمكن أن يوجر عليه وان لم يستحقه، وفى الثاني أتى بمنكر يستحق عليه العقاب. وينبغي للمؤلف - رحمه الله - ان يذكر الأحاديث الدالة على التثنية ويجيب عنها منها ما روى في التهذيب ج ١ ص ٢٢ عن الحسين بن سعيد عن حماد عن يعقوب عن معاوية بن وهب قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الوضوء فقال: مثنى مثنى " وأيضا روى باسناده عن أحمد ابن محمد عن صفوان عن أبي عبد الله (ع) قال: " الوضوء مثنى مثنى " وأيضا بسنده عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال: " الوضوء مثنى مثنى من زاد لم يوجر عليه " فلعله - رحمه الله - اكتفى عنها بالجواب المذكور وهو الحمل على التجديد وشيخنا (ره) حملها على أنه غسلتان ومستحتان، ليس كما توهمه العامة انه غسلات ومسح - انتهى.
أقول: ما دل عليه الخبران يخاف ما مر في حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وحمله الشيخ (ره) على استحباب التثنية في الغسل. وهو لا يدفع المخالفة عند التحقيق والمتجه الحمل على التقية لان العامة تنكر الوحدة وتروى في أخبارهم الثلاث ويحتمل أن يراد تثنية الغرفة على طريق نفى البأس لا اثبات المزية كما حكى عن صاحب المنتقي.
* في التهذيب ج ١ ص ٢٣ بسنده المتصل عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال: " الوضوء واحدة فرض، واثنتان لا يوجر، واثنتان لا يوجر، والثالث بدعة ".
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست