من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج ١ - الصفحة ٨٠
177 - وقال رجل للصادق عليه السلام: " إن لي جيرانا ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن فقال له الصادق عليه السلام:
لا تفعل، فقال: والله ما هو شئ آتيه برجلي إنما هو سماع أسمعه بأذني (1)، فقال الصادق عليه السلام: تا لله أنت (2) أما سمعت الله عز وجل يقول: " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " فقال الرجل: كأنني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله عز وجل من عربي ولا عجمي، لا جرم أني قد تركتها، وأنا أستغفر الله تعالى، فقال له الصادق عليه السلام: قم فاغتسل وصل ما بدا لك (3)، فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك! استغفر الله تعالى واسأله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره إلا القبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا " (4).

وقت الحاجة والأصل عدم علم المخاطبين بما يغنيهم عن البيان لكنهم رضي الله عنهم يخصصون ذلك بصلاة خاصة للاستخارة.
(1) أي لم أقصد بدخول المخرج استماع الغناء ليكون الاتيان حراما بل الدخول لقضاء الحاجة، وبعد ما دخلت اتفق السماع.
(2) في بعض النسخ " تالله تب " وفى بعضها " بالله أنت ". وقوله: " تالله أنت " الظاهر أن " أنت " مبتدأ خبره محذوف، ويمكن أن يكون تقول قولا عجيبا.
(3) أي ما ظهر لك أنه ينبغي أن تصلى وحاصله أي صلاة تريد. وسمعت شيخنا - رحمه الله - يقول: ان أصحابنا - رضوان الله تعالى عليهم - استدلوا بهذا الحديث على استحباب غسل التوبة وهو كما يدل على ذلك يدل على استحباب الصلاة لها، والعجب أن أحدا منهم لم يعد تلك الصلاة من أقسام الصلاة المندوبة، ويمكن أن يقال: قوله عليه السلام " ما بدا لك " يدل على الاتيان بالصلاة أي صلاة كانت لأنها تذهب السيئة وذلك يشمل الصلاة الموظفة فلم يدل على استحباب صلاة لأجل التوبة بخلاف الغسل إذ ليس له فرد موظف في كل يوم ليكتفي به (مراد).
(4) لا خلاف في حرمة الغناء للاخبار الكثيرة وربما يفهم من هذا الخبر أنها كبيرة للامر بالتوبة بناء على أن الصغائر مكفرة لا يحتاج إليها وفيه أن الاجتناب من الكبائر مكفرة للصغائر لا مطلقا. (م ت)
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست