فتهشمت، وضرب بين يديه وقال: (1) إنا لله وإنا إليه راجعون.
وروينا عن بعض الأئمة الطاهرين أنه قال: أتى (2) أبو حنيفة إلى أبى عبد الله جعفر بن محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فخرج إليه يتوكأ على عصا، فقال له أبو حنيفة: ما هذه العصا، يا أبا عبد الله؟ ما بلغ بك من السن ما كنت تحتاج به إليها، قال: أجل، ولكنها عصا رسول الله (صلع)، فأردت أن أتبرك بها، قال: أما إني لو علمت ذلك وأنها عصا رسول الله (صلع) لقمت وقبلتها، فقال أبو عبد الله: سبحان الله، وحسر (3) عن ذراعه، وقال: والله، يا نعمان، لقد علمت أن هذا من شعر رسول الله (صلع) و (4) من بشره فما قبلته، فتطاول أبو حنيفة ليقبل يده، فأسبل (ع) كمه وجذب يده ودخل منزله.
وروينا عن بعض رجال أبى عبد الله بن جعفر محمد صلوات الله عليه من الشيعة أنه وقف على حلقة أبي حنيفة وهو يفتى (5)، فقال: يا أبا حنيفة، ما تقول في رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد على غير طهر. أو هي حائض؟
قال: قد بانت منه، قال السائل: ألم يأمر الله عز وجل بالطلاق للعدة ونهى أن تتعدى حدوده فيه، وسن ذلك رسول الله (صلع) وأكده وبالغ فيه؟ قال: نعم، ولكنا نقول إن هذا عصى ربه وخالف نبيه وبانت منه امرأته، قال الرجل: فلو أن رجلا وكل وكيلا على طلاق امرأتين له فأمره أن يطلق إحداهما للعدة والأخرى للبدعة، فخالفه، فطلق التي أمره أن يطلقها للبدعة للعدة، والتي أمره أن يطلقها للعدة للبدعة (6)؟ قال:
لا يجوز طلاقه، قال السائل: ولم؟ قال: لأنه خالف ما وكله عليه، قال السائل:
فيخالف من وكله فلا يجوز طلاقه، ويخالف الله ورسوله، فيجوز طلاقه؟
فأقبل أبو حنيفة على أصحابه وقال: (7) مسألة رافضي، ولم يحر جوابا.