وقال لداود صلوات الله عليه: (1) ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله.
وقال عز وجل: (2) أفرأيت من اتخذ إلهه هواه، وإنما أمر الله عز وجل ورسوله (صلع) بالاتباع، ولم يجعل لكل إنسان أن يعتمد على ما يراه ويحبه ويهواه.
وقال الله عز وجل: (3). واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم، وقال رسول الله (صلع): اتبعوا ولا تبتدعوا، فكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، فبين (صلع) أن من خالف الاتباع فقد أتى بدعة.
وقد ذكرنا من أمر الله عز وجل ورسوله باتباعه والاخذ عنه من أئمة الهدى صلوات الله عليهم الذين افترض الله عز وجل على عباده طاعتهم وأمر برد المسألة إليهم.
ويروى أن رجلا من أهل خراسان حج فلقي أبا حنيفة، فكتب عنه مسائل، ثم عاد من العام المقبل (4)، فلقيه فعرضها ثانية عليه فرجع عنها كلها، فحثا الخراساني التراب على رأسه، وصاح واجتمع الناس عليه، فقال:
يا معشر الناس، هذا رجل أفتاني في العام الماضي بما في هذا الكتاب، فانصرفت إلى بلدي، فحللت به الفروج، وأرقت به الدماء، وأخذت (5) وأعطيت به الأموال، ثم جئته العام فرجع عنه كله، قال أبو حنيفة: إنما كان ذلك رأيا رأيته ورأيت الآن خلافه، قال الخراساني له: ويحك، ولعلي لو أخذت عنك العام ما رجعت إليه، لرجعت له عنه من قابل، قال أبو حنيفة:
لا أدرى، قال الخراساني، لكني أدرى أن عليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وعلى هذا جميع المنسوبين إلى الفتيا من العامة، يقول أحدهم القول فيعمل به، ويؤخذ عنه ويعمل آخذوه، ثم يرجع عنه، ولا يزال يرجع