ولو أن مقتديا اقتدى بواحد منهم لحل له قتل الطائفة التي قاتلها على على قولهم، ثم يبدو له فيقتدى بآخر من الطائفة الأخرى، فيحل له قتل الطائفة (1) الأولى والطائفة التي هو فيها، ولن يأمر الله عز وجل ولا رسوله (صلع) بالاقتداء بقوم مختلفين، لا يعلم المأمور بالاقتداء بهم من يقتدى به منهم، وهذا قول بين الفساد، ظاهر فساده (2) يغنى عن الاحتجاج على قائله.
وأمر الفتيا بعد ذلك عندهم مقصور على أبي حنيفة ومالك والشافعي، وهؤلاء أكابر من أخذوا عنه (3) وممن بسط لهم الكتب ودون الدواوين، واحتج على من خالفه من القائلين.
فأما أبو حنيفة (4) فروى عنه صاحباه: أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم، والحسن بن زياد اللؤلؤي (5)، وهما من أجل من أخذ عنه عند العامة، قالا: قال أبو حنيفة: علمنا هذا رأى وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاءنا بأحسن منه قبلناه عنه.
وأما مالك، فروى عنه صاحبه أشهب بن عبد العزيز وهو من أجل أصحابه عندهم، قال: كنت عند مالك يوما (6) فسئل عن البتة (7)، فقال: هي ثلث، فأخذت ألواحي لأكتب عنه، فقال: ما تصنع، قلت: أكتب ما قلت، قال: لا تفعل، فعسى أنى أقول بالعشي إنها واحدة.
أما الشافعي، فروى عنه أصحابه أنه نهى عن تقليده وتقليد أمثاله عن أهل الفتيا.